الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعدل بين الأولاد ـ ذكورا كانوا أو إناثا ـ في الهبة واجب شرعا، ولا يجوز تخصيص أحدهم بشيء من ذلك دون مسوغ شرعي، فإن فعل ذلك فالهبة باطلة وترد إلى التركة بعد مماته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وإن مات ولم يرده رد بعد موته على أصح القولين أيضاً طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 107734.
وعلى هذا فما كتب الوالد لك أو لأختك الشقيقة يرد إلى مجموع التركة ويقسم معها، وهذا إنما يكون في رأس المال، وأما الزيادة الربوية فهي محرمة لا يجوز تملكها، وإنما تصرف في أوجه الخير والبر وتنفق على الفقراء والمساكين، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 132139.
وإذا كان الورثة أو بعضهم فقراء، فهم كغيرهم من الناس في إمكان الانتفاع بهذه الفوائد الربوية؛ فيأخذون منها بقدر حاجاتهم، لا بحسب أنصبتهم في التركة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 35958.
هذا، وننبه على أن دعوى عمتك أن جدتك قد كتبت لها تنازلا عن تركتها، لابد من النظر فيها، فإن مرض الزهايمر هو الخرف الذي تحدث عنه الفقهاء. فإن اشتد هذا المرض بصاحبه بحيث صار ملازما له لا ينفك عنه فلا تصح تصرفاته من بيع أو شراء أو هبة أو نحو ذلك.
وأما إن كان يعتريه أحيانا ويفارقه أخرى، فلا يجوز من تصرفاته إلا ما صدر حال وعيه وتمام تمييزه، وراجع في ذلك الفتويين: 117596 ، 37606.
وكذلك إذا صدر ذلك من جدتك في مرضها الذي ماتت فيه، فإنه لا يترتب عليه تملك ابنتها لتركتها، فإن الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكمها حكم الوصايا، والوصية للوارث لا تجوز، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 105185.
ثم لا يخفى أن دفع الرشوة والإشهاد بالزور لغرض أكل أموال الناس بالباطل من كبائر الذنوب وعظائمها. وعلى أية حال فمثل هذا المسائل المتعلقة بالتركات والحقوق المشتركة ينبغي رفعها للمحاكم الشرعية للبحث وتدقيق النظر فيها، لإحقاق الحق وإيصاله لأصحابه.
والله أعلم.