الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقراءة في الصلاة سواء كانت سرية أو جهرية لا بد فيها من تحريك اللسان والشفتين، فهذا هو أدنى السر، وبدونه لا تعتبر قراءة، وأما أعلى السر فهو أن يُسمع نفسه فقط، فإذا كان المراد بالتمتمة القراءة بسر يسمعه من يليه، فهذا يسير الجهر وهو غير مشروع في أوقات السر، ففي الشرح الكبير ممزوجا بمتن خليل في الفقه المالكي وهو يذكر سنن الصلاة: وَالرَّابِعَةُ: سِرٌّ أَقَلُّهُ حَرَكَةُ لِسَانٍ، وَأَعْلَاهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ فَقَطْ ـ قال الدسوقي في حاشيته هنا: أَعْلَى السِّرِّ حَرَكَةُ اللِّسَانِ، وَأَقَلُّهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ. انتهى.
وفي الخرشي على مختصر خليل أيضا: وَاعْلَمْ أَنَّ أَدْنَى السِّرِّ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ، فَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ لَمْ يَجْزِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قِرَاءَةً بِدَلِيلِ جَوَازِهَا لِلْجُنُبِ، وَأَعْلَاهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ فَقَطْ. انتهى.
لكن الإتيان بأدنى الجهر في محل السر لا سجود فيه، ففي منح الجليل ممزوجا بمختصر خليل أيضا: وَلَا سُجُودَ فِي يَسِيرِ جَهْرٍ أَيْ إسْمَاعِهِ مَنْ يَلِيهِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ السِّرِّ، أَوْ يَسِيرِ سِرٍّ أَيْ إسْمَاعِ نَفْسِهِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ، وَالْمَعْنَى لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ جَهَرَ جَهْرًا خَفِيفًا فِي السِّرِّيَّةِ بِأَنْ أَسْمَعَ مَنْ يَلِيَهُ فَقَطْ، وَلَا عَلَى مَنْ أَسَرَّ خَفِيفًا فِي الْجَهْرِيَّةِ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَكَذَا هُوَ فِي ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَقَرَّرَ بِهِ عج. انتهى.
وانظرالفتويين رقم: 71254، ورقم: 119377، لمزيد الفائدة.
وأما إذا كان المراد بالتمتمة العجلة في القراءة والإسراع فيها فلا حرج فيها ما لم يترتب عليها إخلال بالقراءة، ولبيان أحكام اللحن في القراءة وأقسامه وما يؤثر منه وما لا يؤثر راجع الفتوى رقم: 128956، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.