الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاقتداء بمن يشك أنه يلحن في الفاتحة

السؤال

عند ذهابي للصلاة قد أجد الإمام الذي يؤم الناس في الصلاة ممن يلحن في الفاتحة ممن لا تجوز إمامته إلا لمن هو مثله، فيا ترى هل أصلي وراءه؟ أم أخرج من المسجد وأذهب إلى مسجد آخر؟ أم أتحرى قبل أن أدخل المسجد؟ أم أصلى معه ثم أعيد صلاتي؟ وما الحكم أيضا إذا كنت شاكا في أنه يجيد قراءة الفاتحه قراءة ليس معها لحن يغير المعنى؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا بد من التفريق بين مسألتين، فإن من لا تصح إمامته إلا بمثله عند الجمهور هو من يخل بحرف من الفاتحة كأن يبدل حرفاً بحرف مع عدم القدرة على الإتيان بها على وجهها، وهذا هو الذي نص الفقهاء على أنه لا تصح إمامته إلا بمثله كالألثغ ونحوه، جاء في حاشية الروض: قال الشيخ فلا يصلي خلف الألثغ، يعني إلا من هو مثله. وقال النووي في المنهاج: ولا -أي لا يصح اقتداء- قارئٍ بأمي في الجديد، وهو من يخل بحرف أو تشديده من الفاتحة، ومنه أرت يدغم في غير موضعه، وألثغ يبدل حرفاً بحرف، وتصح بمثله. انتهى.

وذهب المالكية إلى صحة الاقتداء به إذا كان بحيث إذا علم لم يتعلم لأن صلاته لنفسه صحيحة فصح الاقتداء بل قال الدردير في الشرح الكبير: وجاز بمرجوحية اقتداء بأعمى... (و) اقتداء سالم بإمام (ألكن) وهو من لا يستطيع إخراج بعض الحروف من مخارجها لعجمة أو غيرها سواء كان لا ينطق بالحروف البتة أو ينطق به مغيراً كأن يجعل اللام ثاء مثلثة أو تاء مثناة أو يجعل الراء لاما أو غير ذلك. انتهى.

وهذا المذهب له قوة، وإن كان الأحوط هو قول الجمهور، وأما من يلحن في الفاتحة فيبدل حرفاً بحرف أو يلحن لحنا يحيل المعنى مع كونه إذا علم تعلم فصلاته لنفسه غير صحيحة، ومن ثم فلا شك في عدم صحة الاقتداء به، قال النووي في المنهاج: فإن غير معنى كأنعمت بضم أو كسر أبطل صلاة من أمكنه التعلم فإن عجز لسانه أو لم يمض زمن إمكان تعلمه فإن كان في الفاتحة فكأمي وإلا فتصح صلاته والقدوة به. انتهى.. وقد أشبعنا القول في هذه المسألة في الفتوى رقم: 113626، وفيها بينا أن بعض أهل العلم سهل في الحروف المتقاربة المخارج كالضاد والظاء ونحو ذلك فانظرها للفائدة.

وبعد هذا البيان نحب أن ننبهك إلى أن الأصل هو صحة صلاة الإمام وسلامة قراءته من اللحن، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 123064، فلا نرى لك أن تستسلم للوساوس التي تعرض لك في قراءة الأئمة، ولا يسوغ لك ترك الاقتداء بإمام مجرد شكك في كونه يلحن في الفاتحة، فالواجب عليك أن تصلي جماعة غير ملتفت لهذه الوساوس، فإذا ظهرت لك بالقطع كون الإمام ممن يلحن في الفاتحة لحنا يحيل المعنى على الوجه المتقدم، فاترك الاقتداء به وصل خلف غيره ممن يقيم القراءة على وجهها، فإذا دخلت المسجد ووجدت الإمام ممن يلحن لحنا يحيل المعنى فإن أمكنك الانصراف إلى مسجد آخر دون إحداث فتنة فافعل، ثم عليك بمناصحة من تراه من الأئمة يلحن في الفاتحة على وجه يبطل صلاته وصلاة من خلفه وأن تبين له كلام أهل العلم في المسألة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني