خطاب الشرع موجه إلى الرجال والنساء إلا ما دل دليل على تخصيصه بأحدهما

17-3-2015 | إسلام ويب

السؤال:
في شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عند شرح الشيخ حديث: "إياكم والجلوس في الطرقات.." قال: "إن أبيتم إلا المجلس" يعني: إلا الجلوس "فاعطوا الطريق حقه" قالوا: وما حقه يا رسول الله؟ قال: "غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر" خمسة أشياء:
أولًا: غض البصر؛ أن تغضوا أبصاركم عمن يمر، سواء كان رجلًا أو امرأة، لأن المرأة يجب أن يغض الإنسان من بصره عنها، والرجل كذلك تغض المرأة البصر عنه، لا تُحد البصر فيه حتى تعرف ما معه. وكان الناس في السابق يأتي الرجل بأغراض البيت يوميًّا، فيحملها في يده، ثم إذا مرّ بهؤلاء شاهدوها، وقالوا: ما الذي معه -وما أشبه ذلك-؟ وكانوا إلى وقت غير بعيد إذا مرّ الرجل ومعه اللحم لأهل بيته صاروا يتحدثون: فلان قد أتى اليوم بلحم لأهله، فلان أتي بكذا، فلان أتى بكذا، فلهذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بغض البصر.
سؤالي: هل هذا الخطاب "إياكم والجلوس في الطرقات"عام للنساء والرجال؟ لأني هكذا فهمته من كلام الشيخ -رحمه الله-.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل في خطاب الشرع العموم؛ فهو موجه إلى الرجال والنساء، لا فرق فيه بينهما إلا فيما دل دليل على تخصيصه بأحدهما؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما النساء شقائق الرجال" رواه أحمد، وغيره، وصححه أحمد شاكر، والألباني.

قال ابن أمير حاج في التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام: ...(وَيَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى أَنَّ الصِّيغَةَ لِلْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ: (شُمُولُ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِالصِّيغَةِ) لَهُنَّ أَيْضًا كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ الثَّابِتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 83]، وَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183].... انتهى.

وقد ناقش المسألة تفصيلًا، فراجعه -إن شئت-. وانظر الفتويين: 59098، 52756.

والخطاب في هذا الحديث وإن كان موجهًا للحاضرين، فهو موجه إلى عموم المسلمين، كما جاء في كثير من نصوص الوحي التي يكون الخطاب فيها موجهًا للحاضرين وهو عام للجميع، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم.. الحديث رواه البخاري. وفي قوله صلى الله عليه وسلم لعمّار: إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا.. الحديث متفق عليه؛ فهو كما  قال العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

لذلك فإن الخطاب في الحديث المذكور يشمل الرجال والنساء الحاضرين والغائبين، وهو في حق النساء آكد؛ لأنهن مأمورات بالتستر، وعدم الخروج لغير حاجة.
ومما يدل على عمومه: أن الخصال المذكورة فيه -غضُّ البصر، كف الأذى، ردُ السلام، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر- كلها لعموم المسلمين، ويبدو ذلك واضحًا من قول ابن عثيمين -رحمه الله- تعقيبًا على ما ذكرت من الشرح حيث يقول: "ففي هذا الحديث يُحذر النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين -عمومًا- من الجلوس على الطرقات، فإن كان لا بد من ذلك، فإنه يجب أن يعطَى الطريق حقَّه".

والله أعلم.

www.islamweb.net