الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت شخصًا ولكن أهلي لم يقبلوا به، فما توجيهكم لي؟

السؤال

السلام عليكم.
جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع المفيد.

أنا طالبة هندسة، عمري 20 سنةً، أسكن في مدينة بعيدة عن والديّ، أنا مسؤولة، وجميلة -خلقةً وخلقًا- بعد انتقالي للمدينة التي أدرس بها، تعرفت صدفةً إلى أحد التجار هناك، وكنت ألاحظ أخلاقه، وتصرفاته، وأعجبت بها، ودعوت الله أن يكون من نصيبي، وأن يسوقه الله إلي؛ لأنه عرف مكان سكني في حوار صغير دار بيننا.

مرت سنة، وتغيرت -بفضل الله- كثيرًا جدًا، وصرت أقرب إلى ربي بعدما عرفته؛ بفضل الدعاء.

وفي السنة التي بعدها زاد الشوق إليه، وقد قرأت عن السيدة خديجة -رضي الله عنها- وكيف أنها أوضحت للنبي رغبتها بالزواج منه، فاستخرت، وتوكلت على الله، وأرسلت صديقتي إليه، وكان الرد صادمًا؛ فقد بلغني بأنه خطب!

كم تألمت للخبر، وأصبت باكتئاب، ولم أستطع تخطي ذلك، وكنت موقنةً بأن الله لن يضيع دعائي.

بعد سنة وصلني خبر بأنه لم يعد خاطبًا، فاخترت بعد صلاة استخارة أن أذهب له بنفسي، وقد تفاجأ بعد أن رأى التغير باديًا عليّ، فقد صرت أرتدي الحجاب الشرعي، وسأل عن غيابي!

في زيارتي الأخيرة رأيت منه اهتمامًا خاصًا، ولكنه لم يبادر بقول شيء، فكتبت له رسالةً بطريقة محترمة، إن كنت تنوي شيئًا فأخبرني، و إلا سأمضي في سبيلي!

فطلب رقمي بعدها، وأفصح عن رغبته في الزواج، وطلب مني أن أخبر عائلتي، فكانت الصدمة أنهم لم يوافقوا عليه؛ لأنه أكبر سنًا مني، وأقل مني ماديًا، فانقطع التواصل، فما العمل؟

أنا في دوامة لا تنتهي من الحيرة، ويعلم الله كم أحبه!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يشغلك بطاعته، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

أرجو أن تعلمي أن الطريقة التي بدأت بها هذه العلاقة غير صحيحة، وأن الفتاة ما ينبغي أن تُخدع بمجرد اهتمام شخصٍ بها؛ لأن الأمر بالنسبة للرجال يختلف، والغواني يغرُّهنَّ الثناء، لكن تركيز الرجل على فتاة لا يعني أنه يريد أو ينوي الارتباط بها، ونسأل الله أن يُقدّر لك ما فيه الخير.

وأرجو أن يكون الدعاء: (إن كان فيه خيراً أن ييسّر الله الأمر، وإن كان غير ذلك أن يُباعد بينك وبينه).

وعليه فنحن ننصح بما يلي:
أولًا: التوقف عن هذه العلاقة تمامًا، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، وحتى تتحول العلاقة إلى علاقة شرعية.

ثانيًا: الاهتمام بدراستك ومستقبلك؛ لأن هذا مهمٌّ في نجاحك في الحياة.

ثالثًا: الاجتهاد في إقناع الأهل؛ فقبل أن توثقي قلبك بحبال الحب ينبغي أن تُقنعي الأهل، وأن تتأكدي بأنهم لن يُمانعوا في إكمال هذا المشوار؛ لأننا لا نريد للمتميزة مثلك أن تدخل في حياة بعيدة عن أهلها، مُصادمةً لهم، مُخالفةً لرغباتهم، وأعتقد أن الأهل سيجدون في فارق العمر فرصةً كبيرةً، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك على الخير.

وأرجو أن تعلمي أن صعوبة التخلي عن هذه العلاقة أسهل بكثير من التمادي فيها، ومن الاستمرار في التواصل؛ لأن هذا يكون خصمًا على سعادتك المستقبلية الأسرية، حتى لو حصل الزواج.

فلا تتواصلي مع أي رجلٍ إلَّا بعد وجود غطاء شرعي، إلَّا بعد أن يأتي إلى داركم من الباب، ويُقابل أهلك الأحباب، فمن الخطأ أن تأتي الفتاة أو الشاب ليخبروا أهلهم بعد أن تحصل علاقة وتعارف، بل ينبغي أن تكون أوّل الخطوات هي إخبار الأهل؛ حتى لا يحدث مثل هذا الرفض الذي تفاجأت به، ونسأل الله أن يُعينك على تجاوز هذه الصدمات.

وإذا كان هناك إصرار ومحاولات فينبغي أن تكون من طرفه، وإذا كان له رغبة فهو الذي ينبغي أن يبحث عنك، ويذهب لأهلك، ويأتي بالوجهاء، والفضلاء، والعقلاء من أجل أن يُقدّموه لأهلك، والله أراد للفتاة المسلمة أن تكون مطلوبةً عزيزةً، لا طالبةً ذليلةً.

فنسأل الله أن يُقدّر لك الخير، ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً