الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجة نجيب الكيلاني تحدثنا عنه

  • الكاتب:
  • التصنيف:ثقافة و فكر

زوجة نجيب الكيلاني تحدثنا عنه

زوجة نجيب الكيلاني تحدثنا عنه

في السادس من مارس عام 2009م كانت وفاة رائد من رواد الأدب الإسلامي في مصر والعالم الإسلامي, هو المرحوم الدكتور نجيب الكيلاني صاحب التأثير العميق في عقول ووجدان الكثيرين في العالمين العربي والإسلامي ...
التقينا زوجته ورفيقة كفاحه الحاجة كريمة محمود شاهين بمنزله بطنطا, محافظة الغربية بدلتا مصر لتطلعنا على الأوراق المطوية والجوانب الشخصية في حياة الكيلاني الشاعر والطبيب والأديب والكاتب, تجديداً لذكراه وإفادة للقراء والنقاد والباحثين من محبي وعشاق أدب نجيب الكيلاني؛ فكان هذا الحوار..

ماذا عن شخصية د. نجيب الكيلاني ؟
د. نجيب الكيلاني ولد في 1 / 6 / 1931 ، بقرية شرشابة مركز زفتى .
التحق نجيب بكتاب القرية في الرابعة من عمره, وحفظ القرآن وقواعد القراءة والكتابة ومبادئ الحساب ، ثم التحق بالمدرسة الأولية ، ولكنه ظل وفيا لكتاب الشيخ محمد درويش رحمه الله .
بعد التعليم العام التحق بكلية الطب بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن) سنة 1951،استجابة لإصرار والده، مع أنه كان يتمنى أن يلتحق بكلية الآداب أوالحـقوق.
في سنة 1947 تأثر نجيب بدعاة إصلاح الدنيا بالدين وكان تأثره الأكبر بما رآه من أفواج متطوعيهم المتجهين إلى جهاد العدو الصهيوني في فلسطين .

التحق د.نجيب بكلية الطب 1951 وكان متفوقا ، كما كان له حضوره القوي كداعية، وكشاعر، وخطيب وخصوصا في أيام حكم عبد الناصر، واعتقل نجيب الكيلاني وهو في الرابعة من كلية الطب، وقدم للمحاكمة وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمة الاشتراك في نظام سري مسلح يعمل على قلب الحكم بالقوة، وقضى في السجن ثلاث سنوات، وأفرج عنه إفراجا صحيا أواخر عام 1958، وأعيد اعتقاله مرة أخري سنة 1965، وأفرج عنه سنة 1967.
في 31 من مارس 1968 غادر مصر للعمل طبيبا بدبي في دولة الإمارات, ولكنه عاش مغرما بالقراءة والكتابة، فعمله الطبي في مختلف المواقع أوحى إليه بكثير من القصص القصيرة وبعض الروايات والمقالات وعاد إلى مصر عودة نهائية عام 1992.

وأما عن جوانب شخصية د. نجيب الكيلاني فهو أديب مسلم استجاب لفطرته السوية أولا وتشرب القيم الإسلامية عقيدة، وديانة، وعلمًا، وثقافة ثانيا، حتى أصبحت "ميزان" الأشياء في كل شئون حياته، وأصبح الالتزام ـ شكلاً وموضوعًا ـ هو الطابع الأساسي ـ بل الوحيد ـ في مسلكه الخلقي والفني، وما عداه يعد نشوزًا وخروجًا على الأصل النبيل الكريم.

نجيب الكيلاني الزوج .. ما أهم ملامحه؟
• وجدته محبا، مرهف الحس، رقيق الفؤاد، ودودا بشوشا عطوفا، بارا بأهله وعشيرته وأصحابه.
• رحيما ، سليم الفطرة ، حييا دمث الخلق، قوي الإيمان، لا يفتري ولا يطغى، في طبعه سهولة ورفق، وفي خلقه إيناس وبر، وفي صدره رحابة لكل من عرفه، فما عرف الحقد يوما، ولا أضمر كراهية لأحد.
• كان زوجا مثاليا مهذبا يقدر المرأة ويحترمها . عشت معه 35 عاما أبحث وأنقب عن كلمة نابية سمعتها منه فلم أجد .. بل إنسان مهذب على خلق ، يلاطف أبناءه ويجلس معهم ويسمع مشاكلهم ويحاول حلها بكل هدوء وكان كريما معي ومع أولاده وكان يتطيب في البيت وخارج البيت وعند كل مسجد ويستخدم السواك اتباعا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

هل تعتقدين أن البيئة التي نشأ فيها لها تأثير على أدبه؟
نعم فنجيب عاش حياة المسلم ... الفلاح ... طالب علم ... الطبيب ... السجين ... المهاجر ... عاش في الثلثين الأخيرين من القرن العشرين الميلادي.
كان نجيب الكيلاني يحب القراءة ، ويعشقها ، ولا ينفصل عن الكتاب . زار فلسطين سنة 1962 وصلى في بيت المقدس وجلس مع الفلسطينيين واستمع لآلامهم وأحزانهم فأقسم أن يجند قلمه للقضية الفلسطينية شعرا وأدبا فجاءت قصصه (أرض الأنبياء) و (دم لفطير صهيون) أو (حارة اليهود) و (عمر يظهر في القدس) دليلا على ذلك.
وكان موسوعي الثقافة ... تعددت معارفه في الطب، والتاريخ، والأدب والنقد، والسياسة، والنظم الإسلامية، والاجتماعيات ... لذلك تعددت كتابات ، وضربت بسهم وافر في ميدان هذه المعارف، فكان أديبا، شاعرا، ناقدا، ومنظرا، وكاتبا متفردا في الإسلاميات، وكتاب السيرة الذاتية.
وقدم في التليفزيون برامج دينية وصحية وثقافية منها (الصحة للجميع) و (آداب وفنون) و(دعوة الحق) .

نجيب الكيلاني الطبيب .. نجيب الكيلاني الشاعر .. نجيب الكيلاني الكاتب .. نجيب الكيلاني الروائي .. أي صفة من هذه الصفات تسبق الأخرى؟
الشاعر أولا فنجيب أصدر أول دواوينه وهو طالب في الصف الأول الثانوي وكان تحت عنوان (نحو العلا) وله خمسة دواوين من الشعر.
يأتي بعد ذلك الروائي ولعل الأديب الكبير نجيب محفوظ هو الذي اختار ورشح إحدى قصص نجيب الكيلاني لتكون فيلم (ليل وقضبان)، ونجيب محفوظ هو الذي قال كذلك عن نجيب الكيلاني، إنه رائد الأدب الإسلامي بلا منازع والمنظر له.

ما الذي أضافه نجيب الكيلاني إلى عالمنا الأدبي؟
* نجيب الكيلاني أعتبره " شخصية رسالية " .. يرى الأدب وسيلة لا غاية ، فالأدب ــ في نظره ــ يجب ألا يساق لمجرد الإمتاع وبعث النشوة في نفس المتلقي، ولكن لكي يؤدي رسالة إنسانية تربوية، تتلخص في غرس القيم العليا، وتهذيب النفوس، وتربية السلوك .
وقد بسط الكيلاني رأيه هذا في كتبه التي نظَّــرَ فيها للأدب الإسلامي، وفي محاضراته، وأحاديثه عن الفن والأدب، كما أنه أخذ نفسه بما نظر، وكان أدبه تطبيقا عمليا لما قاله وكتبه على سبيل التنظير.

حدثينا عن أيامه الأخيرة؟
* كان يضع الموت نصب عينيه حتى أنه قبل سفرنا لدبي بنى مقبرة له في "شرشابة" فقلت له: وأنا والأولاد! فبنى لكل فرد من أفراد أسرته مقبرة.
وحينما كان نجيب طريح الفراش في مستشفى " فيصل " بالرياض، ذلك المرض الأخير، وكنت أرافقه، وفجأة رن جرس الهاتف فرفع السماعة .. ورأيت وجهه يتهلل بشرا وبعد انتهاء المكالمة .. هلل زوجي وكبر وقد نسى آلامه : الله أكبر الله أكبر، ثم أخذ يردد حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : " لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " ولما سألته عن سبب فرحه وسعادته، حدثني أن محدثه على الطرف الآخر كان يقول له : لقد دخلت الإسلام بفضل معاملتك لي وكتبك، وكان الرجل هنديا يعمل في المجال الطبي مع زوجي .
__________________
حوار عبد الرحمن هاشم بــ"اختصار"

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة