الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخجل والعصبية والغضب يقتلني... فكيف أتخلص منها؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

مشكلتي باختصار هي: أنني منذ صغري وأنا أعيش في عزلة بعيداً عن الناس تماماً، ومنذ فترة طويلة منذ أكثر من عشر سنوات حدث لي شيء غريب، وهو أنني عندما أسمع صوت أبي وهو يأكل أو يتنفس أتضايق ضيقة شديدة، ولا أستطيع السيطرة على نفسي، حتى أنني كنت في بعض الأحيان أبكي من كثرة هذه الضيقة والغضب الشديد، وبدأت هذه الحالة في ازدياد، وبعد وفاة أبي بدأت أشعر بنفس الشيء مع أمي وزوجتي وكثير من الناس.

مشكلتي الثانية أنني عصبي جداً وأتضايق من أتفه الأشياء.

مشكلتي الثالثة أنني خجول جداً، حتى أنني لا أستطيع الكلام مع زوجتي في حضور والدتي أو أي شخص آخر، ولا أستطيع الذهاب إلى الأماكن العامة أو أن أمشي مع زوجتي في الطريق.

مشكلتي الرابعة أنني فاقد للتركيز لأبعد حد.

أرجو من الله أن تجدوا لي حلاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمضان محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

المشاكل الأربع التي وردت في رسالتك كلها مترابطة، فافتقاد التركيز وتشتت الأفكار تنتج من القلق، والقلق هو العلة الرئيسية التي تعاني منها، والعصبية والضيق الذي تحس به من أتفه الأشياء هو أيضًا من سمات القلق، وما يُزعجك من سماعك لصوت التنفس من قبل والدك - عليه رحمة الله - ومن ثم أمك وزوجتك، هذا أيضًا من الوسواس القهري، وهو أيضًا مرتبط ارتباطًا كبيرًا بالقلق، وحتى المشكلة الأولى والتي أعتبرها نوعاً من الخجل والعزلة من الناس أعتقد أن مكونها الرئيسي هو ما يمكن أن نسميه بالخوف أو القلق الاجتماعي من الدرجة البسيطة، وهذا أيضًا نوع من القلق، فإذن أخي الكريم: علتك كلها محصورة في قلق المخاوف والوساوس، وهي حالة نفسية واحدة ومترابطة ومتداخلة جدًّا، العلاج يكون أولاً عن طريق أن نؤكد لك أن الحالة حالة بسيطة.

ثانيًا: الأفكار السلبية السيئة عليك أن تسعى للتخلص منها، وذلك من خلال أن تفكر أفكارًا إيجابية، انظر إلى حياتك وإلى نفسك بصورة دقيقة ومنصفة، وسوف تجد أن هناك أشياء جميلة كثيرة طيبة في حياتك.

ثالثًا: أن تحقر الفكر الوسواسي، فموضوع انزعاجك من التنفس الذي ذكرته، هذا أمر يجب أن لا تقبله، لأن فيه شيئاً من السخط، وهذه سمة من سمات الوساوس، إذن حقره، تجاهله، وتذكر أن التنفس هو عملية فسيولوجية طبيعية أنعم الله بها علينا وأن الهواء يدخل في الرئتين ثم يخرج بعد أن يُعطى الجسم الأكسجين الكامل، والناس تختلف، هنالك من يحدث صوتًا نتيجة لتنفسهم وآخرين قد يكون لديهم شخير، وهكذا... إذن هذه الفوارق فسيولوجية طبيعية بين البشر يجب أن لا تشغلك.

رابعًا: أن تمارس الرياضة، فالرياضة ذات فائدة عظيمة جدًّا لعلاج القلق والتوتر، والتخلص من هذا القلق.

خامسًا: يجب أن تدفع نفسك للتواصل الاجتماعي، ولا تحقر من قيمة ذاتك، فأنت لست بأقل من الآخرين، وهنالك أنواع من الانصهار الاجتماعي المفيد جدًّا الذي يعود بك بإيجابية عليك، من هذه الطرق أن تكون حريصًا على صلاة الجماعة في الصف الأول، هذا تماسك اجتماعي كبير، يزيد من ثقتك في نفسك، ويجعلك - إن شاء الله - تُقدم على الاختلاط بالناس بصورة أفضل وأكثر إيجابية.

سادسًا: أن تمارس الرياضة الجماعية، أي نوع من الرياضة الجماعية مع بعض أصدقائك وزملائك، هذا أيضًا يخلصك من الرهاب الاجتماعي.

سابعًا: أن تشارك الناس في أفراحهم وأتراحهم، هذا أيضًا علاج جماعي ممتاز جدًّا.

إن شاء الله تعالى بعد أن نصف لك دواء - وهذا سوف أقوم به - سوف تجد أن نسبة القلق والخوف وهذا الخجل قد انحصر تمامًا إلى أن ينتهي، وسوف تجد نفسك أصبحت أكثر طلاقة في الحديث مع زوجتك ومع الآخرين، المهم هو أن تدفع نفسك وأن لا تستسلم أبدًا لهذه الانعزالية التي فرضت نفسك عليها والتي هي ناتجة كما ذكرت لك من القلق.

الدواء الذي أود أن أنصحك بتناوله يعرف تجاريًا باسم (مودابكس) واسمه العلمي هو (سيرترالين) وهو توفر في مصر، ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي خمسون مليجرامًا، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم - أي مائة مليجرام - يمكن أن يتم تناولها بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء، أو تتناولها كجرعة واحدة ليلاً، هذا كله صحيح، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك اجعلها حبة واحدة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أؤكد لك أن الدواء دواء فعال، وسليم، وصحيح جدًّا وسوف يساعدك - إن شاء الله تعالى - في زوال هذا القلق، كل مشتقاته ومكوناته من توتر ومخاوف ووساوس وميول إلى الانعزالية، كما أن مزاجك سوف يتحسن كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً