الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بخفقان في القلب وعلى إثرها أتتني نوبات هلع وقلق! فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أصبت قبل ثلاث سنوات بخفقان في القلب، فذهبت إلى ثلاثة أطباء، وقال لي أحدهم أن لدي ارتخاءً بسيطا في الصمام الميترالي، والاثنان الآخرون قالا: إنني سليم، علما بأن عندي تشوها في القفص الصدري، وهو بروزه إلى الأمام شيئا بسيطا، لم أعلم عنه إلا قريبا، وذهبت لدكتور جراحة فقال لي إنه لا يضر، بعدها أصبت بخوف شديد من الأماكن العامة، مثل العمل، عندما أتذكر تشوه القفص الصدري والخفقان الذي كان يأتيني، وأصاب برشح جديد ونفضة وإسهال شديد، حتى في نومي تأتيني كوابيس مفزعة.

أحد دكاترة القلب الذين ذهبت إليهم قال: راجع العيادة النفسية فقلبك سليم، وصرف لي اندرال 10 مل!

حتى أنني لم أعد قادرا على الخروج من المنزل لأداء الصلاة أو الذهاب مع أصدقائي، وكثر استئذاني، واعتذاراتي من العمل؛ لأنني لا أشعر بالراحة إلا عندما أكون لحالي.

أرجو أن أجد الحل عندكم، ولا أعلم هل أذهب لدكتور قلب في مستشفى آخر أم أن قلبي سليم.

أرجوكم طمئنوني، والله أسأل أن يرزقني العافية وجميع المسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو سعود ... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن نوبة خفقان القلب التي أصابتك أولاً وبعد ذلك ظهرت لديك بوادر الخوف الشديد، وأصبحت الآن لا تحس بالراحة، وقلّ نشاطك الخارجي للدرجة التي أصبحت لا تخرج من المنزل كثيرًا، هذه كلها مؤشرات على وجود حالة نفسية وليس بحالة عضوية، أي أنه لا يوجد لديك مرض في القلب، وحتى الحالة النفسية نعتبرها من الحالات البسيطة، فنوبة الخفقان الأولى هذا مؤشر على حدوث ما يعرف بنوبات الهرع أو الهلع، وهي حالة نفسية مفاجئة تتميز بتسارع في ضربات القلب، وشعور بالخوف والقلق، وعدم الارتياح، وبعد أن تُجهض هذه النوبة تظل الأمور على خير، لكن بعد ذلك قد يعيش الإنسان مع القلق والمخاوف كما حدث لك.

الإصابة بالنفضة والإسهال الشديد وحتى الرشح المتكرر دليل أيضًا على عدم استقرار الحالة النفسية.

بروز القفص الصدري يجب أن لا يكون شاغلاً لك، هذا موضوع بسيط جدًّا، ويظهر لحساسيتك أيضًا أصبحت تنشغل بهذا الموضوع، لكن يجب تجاهله، ومثل هذه الاختلافات التكوينية موجودة كثيرة بين الناس.

فيا أخي: أود أن أطمئنك أن حالتك هي حالة نفسية بسيطة، وحقيقة لا تستحق أبدًا أن تذهب إلى طبيب القلب، وحتى ارتخاء الصمام المايترالي إن وُجد تعتبر حالة حميدة جدًّا ولا يمكن أن تفسّر كل أعراضك التي ذكرتها، هذه الأعراض نفسية، ولا شك في ذلك، لكن إذا استطعت أن تقابل طبيبًا نفسيًا هذا سوف يكون أمرًا جيدًا وأمرًا إيجابيًا، أما إذا لم تتمكن فنصيحتي لك هي:

أولاً: يجب أن لا تشغل نفسك بهذه الحالة، وحين تأتيك أي هواجس حولها تذكر قولنا لك أن الحالة بسيطة، وأنها نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك.

ثانيًا: عليك أن تتدرب على تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، وهي سهلة ومهمة جدًّا إذا طبقها الإنسان بصورة صحيحة ومنتظمة، سوف يكون عائدها العلاجي كبيرا جدًّا، فيمكنك أخي الكريم أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت، أو تتحصل على كتيب أو شريط يوضح كيفية القيام بهذه التمارين، ومن ثم تدرب عليها بصورة منتظمة.

ثالثًا: لابد من المواجهات والإكثار من المواجهات، أنا أقدر حجم مخاوفك، لكن علماء النفس والسلوك يؤكدون أن أفضل وسيلة لعلاج المخاوف - أيًّا كان نوعها -هي من خلال أن نقوم بما هو ضدها، وهذا دليل قاطع على أنك لابد أن تخرج من المنزل، أنت الآن تذهب إلى العمل فبنفس هذه الصورة عليك أن تذهب إلى الصلاة في المسجد، والمسجد هو مكان الطمأنينة، ومكان الراحة، فخاطب نفسك وإن شاء الله تصل إلى قناعة أن عملية التفاعل الاجتماعي، وتخرج من المنزل هي فعلاً مفيدة وسهلة في نفس الوقت، وليست بالصعوبة التي تتصورها، وأنا من جانبي سوف أقوم بوصف أحد الأدوية لك، وإن شاء الله تعالى سوف يساعدك كثيرًا.

رابعًا: هنالك سبل كثيرة جدًّا للتواصل الاجتماعي: مشاركة الناس في مناسباتهم، أن تمارس الرياضة الجماعية مع بعض أصدقائك، الانخراط في الأعمال الخيرية والأنشطة الثقافية، حضور حلقات التلاوة... هذه كلها وسائل تجعل الإنسان عرضة لتفاعلات اجتماعية إيجابية جدًّا مما يعود عليه إن شاء الله بخير كبير.

وأخيرًا أود أن أصف لك دواء يعرف أنه متميز جدًّا في علاج مثل هذه الحالات، الدواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم، وقوة الحبة هي عشرة مليجرام، تناولها لمدة شهرين، بعد ذلك ارفعها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة - أي خمسة مليجرام - يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا الدواء مفيد وفاعل وغير إدماني.

نسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً