الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعجبت بفتاة ذات خلق لكن أهلي يرفضونها بسبب مرضها!

السؤال

أعجبت بفتاة أراها ذات خلق ودين وعقلية تجعل الدين في أولوية معاملاتها، الموضوع ببساطة: أني أعجبت بفتاة وانجذبت إليها انجذاباً شديداً، ولكن أهلي غير موافقين عليها، وذلك لأنها ولدت بخلع وركي، وتحتاج لعميلة استبدال مفصل وركي بالكامل في الرجلين، ولأنها كانت مخطوبة من قبل.

أشعر بأنني مرتاح لهذه الفتاة، ولكني أعيش مع أهلي في نفس البيت؛ فأخاف إن أصررت عليها أن يكون هذا سبباً للمشاكل مستقبلاً ويعكر صفو الحياة، علماً بأني بدأت التحدث مع هذه الفتاة لمدة شهر ونصف، بعد أن أقنعت أهلي بشدة عليها، وأخبرتني أنها تحبني ومتعلقة بي، وبالفعل جعلت والدتي تذهب للمنزل عندهم، ولكن بعد أن ذهبت لم تقتنع بها؛ حيث وجدت أنها فتاة قليلة الجمال، وبالإضافة للظروف السابقة ولظروف أسرتهم المادية البسيطة، حيث إنها يتيمة منذ الصغر ووالدتها هي التي تقوم بأمور البيت.

أخاف أن أصر عليها فتكون عبئاً شديداً علي في الحياة، وباباً للمشاكل بيني وبين أهلي، وفي المقابل أخشى أن أتركها فأكسر خاطرها، علماً بأن عمرها ٢٦، أي تصغرني بسنة واحدة، ومع الظروف الفائتة تقل فرصها في الزواج، وكلما فكرت في الانفصال عنها أشعر بثقل شديد جداً، ولا أستطيع خوفاً من حزنها!

أنصحوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أخي الكريم: إننا نحمد الله إليك أن رزقك هذه الأسرة الطيبة الحريصة عليك، والمحبة لك الخير، والمتفهمة لحاجاتك الفطرية، ونسأل الله أن ترزق برهما وأن تكون سندًا لهما وعونا.

بالنظر إلى ما تفضلت به، فإننا نلاحظ ما يلي:

1- مدة التعارف مع الفتاة شهر ونصف.
2- والدتك ذهبت إليها بغرض الاطلاع عليها ولم تغلق هي الباب.
3- حديثك عنها حديث عاطفي لا يتجاوز الشفقة والخوف عليها.
4- الفتاة قريبة منك في العمر.
5- الأهل الآن مجمعون على عدم مناسبتها لك، بعد أن اقتنعوا فيها ابتداء بسبب ضغطك عليهم.
6- الفتاة مريضة وتحتاج إلى عملية كبيرة، نسأل الله أن يشفيها.
7- الفتاة كانت مخطوبة من قبل.

هذه العوامل مجتمعة مع طيبة فيك جعلتك تخلط بين الشفقة عليها وبين أهليتها للزواج، وهذا الخلط هو الذي جعلك تشعر بهذا الألم، ونحن نقول لك -أخي الكريم-:

1- الزواج ليس جمعية خيرية، ولا يقوم على الشفقة على الغير، بل هو بنيان كبير يحتاج إلى اختيار دقيق حتى يسعد الزوجان بحياة سعيدة، وهذه الأخت تحتاج ابتداء إلى من يعينها مادياً لتجري عمليتها الجراحية، وهذا عمل خير مأجور عليه كل من ساعد، فإن كانت عندك القدرة وأردت مساعدتها مادياً فخير، وإن لم تستطع ولكنك تحسن التوصية بها، أو الحديث إلى بعض أهل الخير لمساعدتها؛ فهذا عمل خير يأجرك الله عليه.

2- أنت لست مضطراً للزواج منها لأنها مريضة، أو يتيمة، أو مخطوبة من قبل، أو سينكسر قلبها؛ كل هذه مشاعر حسنة لكن لا تدفعك إلى الزواج ولا توجبه عليك، بل لست آثماً إن تركتها لأن التعريض بالخطبة لا يوجب الزواج.

3- الإصرار على الزواج منها سيجلب عليك العقوق من ناحية، والتبعة الثقيلة عليك تجاهها من ناحية أخرى، وفي كلا الأمرين إرهاق لك لست مجبراً على تحمله.

وعليه: فإننا ننصحك بالاستماع إلى أهلك، والاجتهاد في إعانتها مادياً إن استطعت عن طريق وسيط، وأن تقطع تواصلك معها تماماً، لأن كثرة الحديث ينمي شعورك بالارتباط بها من ناحية، ويجعلها تعيش ألماً آخر من ناحية أخرى، وفوق هذا وذاك هو تواصل محرم؛ لأنك تعلم أن الزواج منها ليس الخيار المتاح بل ولا الخيار المناسب.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يرزقك الزوجة الصالحة البرة التقية، وأن يشفي هذه الأخت، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً