الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحتاج علاجًا للقلق المختلط لا يسبب زيادة الوزن

السؤال

السلام عليكم.

دكتور، أنا كنت أتعالج من قبل دوائيًا ونفسيًا، وتحسنت -بفضل الله-، لكن انقطعت بسبب أهلي، وتم تشخيص حالتي بالقلق المختلط.

منذ فترة تعرضت لصدمة عاطفية؛ بسبب خذلاني من صديقتي، وبعض الضغوطات العائلية، رجعت لي أفكار وسواسية انتحارية، وخوف ليس له سبب، مع نوبات هلع على فترات متباعدة، واختلال الأنيّة، وأصبحت أقل عندما أخذت (multivitamins) وتحسنت نفسيتي.

لا أدري ماذا أفعل! هل يجب الرجوع إلى الطبيب في هذه الحالة أم المعالج النفسي؟ وأخاف إن رجعت للعلاج بالأدوية أن يزداد وزني؛ لأنه ازداد كثيراً، وبصعوبة استعدت وزني السابق، وقد قيل لي إن هناك عشبة تسمى (سانت جون) تساعد في حالات القلق، فهل هذا صحيح؟ أم عشبة الناردين؟ بماذا تنصحونني؟ وهل يوجد دواء يمكنني أخذه بدون زيادة للوزن؟

شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة: لا شك أن القلق النفسي طاقة مطلوبة، لأن الذي لا يقلق لا ينجح، لكن إذا تعدّت الحدود الصحية قد تضرّ بالإنسان ويتحول إلى قلق مقنّع محتقن، وهذا يؤدي إلى إشكالات، وطبعًا القلق هو طاقة أيضًا من خلاله يمكن أن تتولّد مخاوف نفسية، وكذلك أفكار وسواسية، وحتى عُسر المزاج الاكتئابي نجده كثيرًا يكون مختلطًا بالقلق.

عمومًا أنا أرى أن حالتك حالة بسيطة، لا أعتبرها حالة مرضية، إنما هي مجرد ظاهرة، وأعتقد أنك إذا جعلت نمط حياتك نمطًا إيجابيًّا هذا سوف يُساعدك على التطبُّع والتكيُّف الإيجابي، ويتحوّل هذا القلق إلى قلق إيجابي -إن شاء الله تعالى-.

نمط الحياة الإيجابي هو الذي يعتمد على:

- حسن إدارة وتنظيم الوقت، والنقطة الارتكازية أو الجوهرية في حُسن إدارة الوقت هي: أن يتجنب الإنسان السهر؛ لأن النوم الليلي المبكّر له تبعات إيجابية جدًّا على الصحة النفسية والجسدية، وذلك من خلال: أن الجسد يُهيأ ليفرز المواد الكيميائية الدماغية المعروفة بالموصّلات العصبية، تُفرزُ ليلاً مع النوم الليلي. وتجنب السهر هو النقطة الأساسية -من وجهة نظري-، حيث يوظّف الإنسان القلق بصورة صحيحة.

- ممارسة الرياضة أيضًا فيها الكثير من التفريغ النفسي الإيجابي، أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة -من وجهة نظري- سوف تكون مفيدة جدًّا لك، رياضة المشي على وجه الخصوص ممتازة.

- تجنُّب تناول كميات كبيرة من محتويات الكافيين، كالشاي والقهوة والبيبسي والكولا.
- تجنُّب النوم النهاري في أية ساعة من النهار.
- التغذية السليمة والترتيب الغذائي أيضًا مطلوبة.

- التدرُّب على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين ضرورية ومفيدة جدًّا إذا طبقها الإنسان بصورة صحيحة. فإن رجعت إلى الطبيب النفسي أو المعالج النفسي يجب أن يُدّربك على هذه التمارين، وإن لم ترجعي للمعالِج النفسي يمكنك الاستعانة ببعض البرامج الممتازة جدًّا والموجودة على اليوتيوب، هنالك برامج ممتازة حول تمارين الاسترخاء وأهميتها وكيفية تطبيقها.

هذه -أختي الكريمة- هي النصائح التي أودُّ أن أوجّهها لك، وما دمت قد استفدت من الفيتامينات فيما مضى؛ فهذا أيضًا دليل قاطع على أن الحالة بسيطة جدًّا.

بالنسبة للأدوية: عشبة سانت جون (St. John's Wort) تُساعد في علاج القلق والاكتئاب الخفيف، وطبعًا هي طبيعية جدًّا، ولا تؤدي إلى زيادة في الوزن، فيمكن أن تجرّبيها.

وإن أردت أن تأخذي الأدوية المصنّعة، فهنالك عقار يُسمَّى (بوسبار Buspar)، أو (بوسبيرون Buspirone)، هذا الدواء مضاد للقلق، وفاعل جدًّا، لكنّه بطيء الفعالية، بمعنى أن البناء الكيميائي يتطلب وقتًا، لن يجني الإنسان فائدته قبل شهرين إلى ثلاثة من بداية العلاج.

البوسبار يتميز بأنه لا يزيد الوزن، ولا يؤثر على درجة الإدراك عند الإنسان، كما أنه لا يؤدي إلى النعاس، بل يُحسّن اليقظة. جرعته هي: 5 ملغ صباحًا ومساءً لمدة أسبوعين، ثم 10 ملغ صباحًا ومساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم 5 ملغ صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم 5 ملغ صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم يتم التوقف عن تناوله.

وإن كنت تريدين الخيار الثالث وهو اللجوء لمضادات الاكتئاب، والتي تُساعد في علاج القلق والوساوس والخوف؛ سيكون عقار (فلوكسيتين Fluoxetine)، والذي يُسمى تجاريًا (بروزاك Prozac) هو الأفضل، وأنت تحتاجين له بجرعة صغيرة، كبسولة واحدة يوميًا صباحًا لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناوله.

طبعًا الفلوكسيتين يتميز أنه لا يؤدي إلى زيادة في الوزن أبدًا، على العكس تمامًا، ربما يُساعد على إنقاص الوزن في الشهر الأول، كما أنه يزيد من اليقظة عند الإنسان، وكذلك الانتباه والتركيز، وليس بإدماني، ولا يُؤثّر أبدًا على الهرمونات النسائية.

فأمامك هذه الخيارات الثلاثة -أيتها الأخت الفاضلة الكريمة-، لكن أهم من ذلك هو ضرورة أن تُطبقي الإرشادات العامة التي ذكرتها لك قبل الحديث عن الأدوية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً