الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقلي يفكر بالطلاق وقلبي يرفضه من أجل الأبناء!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوج منذ 9 سنوات من إحدى فتيات العائلة، وبيننا 3 أطفال، ونسكن في بيت والدي، المشكلة بيني وبين زوجتي بدأت منذ 7 سنوات، يعلم الله أنني لم أقصر معها في شيء، مع العلم أن زوجتي موظفة ولديها خادمتان في المنزل، وأنا أدفع رواتب الخدم، ومصاريف البيت والأبناء، ولم أطلب منها فلسًا واحدًا، وهي لا تساعدني في مصاريف البيت، ودائماً تختلق المشاكل دون سبب، مثال: تتهمني بأنني رجل بخيل ولا أعطيها المال، وإذا منعتها من الخروج للسوق تفتعل مشكلة كبيرة من العناد، وتتلفظ بكلام سيئ، وترفع صوتها وتعاندني بقوة، تتكلم عن أهلي وتقول: والدك ووالدتك وإخوتك يحرشونك ضدي، ولو طلب والدي أو والدتي أي شيء بسيط وأنجزته لهم تغضب وتقول: لماذا تنجزه أنت أين إخوتك؟ مع العلم أن أمي يوميًا تطبخ الغداء لنا، وزوجتي مقصرة معي ومع الأبناء وتمنعني من حقي الشرعي.

أنا أقوم بكل شيء حتى تربية الأبناء، وهي تريد أن تأكل وتنام وتخرج متى ما أرادت، حاولت التحدث معها ومحاورتها دون جدوى، وتحاول التفريق بيني وبينهم، أريد حلًا مع هذه المشكلة، عقلي يفكر بالطلاق وقلبي يرفضه من أجل الأبناء فقط.

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أخي الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نحن نوافقك الرأي جدًّا ونشدُّ على يديك – أيها الحبيب – في تخوّفك من الطلاق وآثاره على أبنائك، فإن الطلاق هدم للبيت وتفريقٌ للأسرة، وتعريضٌ للأبناء والبنات لكثير من الضياع والمعاناة النفسية، ولهذا كان مكروهًا عند الله تعالى وإن كان حلالاً.

فتخوفك من الطلاق وإحجامك عنه أمرٌ تُشكر عليه، ونحن على ثقة – أيها الحبيب – من أن لين جانبك وكرم خُلقك وحُسن تعاملك لن يُنتج إلَّا خيرًا: {إن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملاً}، ونصيحتنا لك مع هذا أن تأخذ بالأسباب الممكنة لإصلاح زوجتك، ولا تيأس من ذلك، فإن (قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبها كيف يشاء)، فننصحك بالتالي:

أولاً: اطرح المشكلة بتفاصيلها على أهلك وأهلها الذين يريدون الإصلاح بينكما ويهتمُّون ببقاء أسرتك، ويخافون على تشتت الأسرة وضياع الأولاد، ويُشاركونك في هذه الهموم، فكثير من المشاكل الزوجية تُحلّ بتدخُّل المصلحين من أهل الزوج وأهل الزوجة، فحاول أن تستعمل هذه الوسيلة، وحاول أن تُهدّد زوجتك بالطلاق دون أن تقع فيه، فإن التهديد يُفيد أكثر ممَّا يُفيده إيقاع العقاب، وهذه مسألة مقررة لدى علماء التربية.

وينبغي أن تُذكّر زوجتك بنعمة الله تعالى عليها، وأن هذه النعم التي هي تتقلَّبُ فيها ربما يُزيلُها الله تعالى ويُذهبها بسبب عدم شكرها، فإن الله تعالى يقول: {ولئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}، فشُكر النعم قيدٌ للموجود وصيدٌ للمفقود، وكفر النِّعم سبب لضياعها وذهابها بعد وجودها، فاحرص على تذكير زوجتك بهذه المعاني، وأن من شُكر النعمة استعمالها فيما يرضي به الله، فنعمة الزوج ونعمة الأولاد والبيت والهدوء والاستقرار، كل هذه نعم كثيرة ينبغي لها أن تقابلها بشكرها وتحافظ عليها، فحاول أن تُذكّرها بسُنَّة الله تعالى في زوال النعم بسبب كفرانها والتنكُّر لها.

وإذا أصرّت زوجتك على هذا العناد فإن آخر العلاج الكي، كما يقول الناس، فيمكن أن تُوقع الطلاق طلقة واحدة حتى ترى زوجتك الآثار والعواقب فيما لو تفارقتما وذهب كل واحد منكما في سبيله، فإنها ستُدرك حينها فُقدان هذه النعم الكثيرة التي هي فيها.

وأمَّا بالنسبة لعمل الزوجة فإذا كانت تعمل برضاك – أيها الحبيب – وبموافقتك فأموالها ملْكٌ لها، تتصرف فيها كما تشاء؛ لأن لها ذِمّة مالية مستقلّة، وعليك أن تُنفق عليها، فإن هذا حق من حقوقها كزوجة، لكن من حقك أيضًا أن تمنعها من الخروج من البيت ما دمتَ قائمًا بواجب الإنفاق، إلَّا أن يكون بينكما شرط أثناء عقد النكاح، فينبغي الوفاء بهذه الشروط، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ ‌مَا ‌اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ)، أو كما قال - عليه الصلاة والسلام -.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعينك وييسّر لك الخير ويُصلح زوجتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً