الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد إلحاحي بالدعاء تقدم لي رجل مصاب بالسكري، فهل أرفضه؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت أتواصل مع شاب بالرسائل لأربعة أشهر، بعدها توقفت عن ذلك، وقطعت صلتي به ابتغاء مرضاة الله، وتجنبًا لعصيانه، ودعوت الله بزوج حلال، صالح، يعوضني عن الحرام، وفي ثاني يوم من تركي للمعصية تقدم لخطبتي رجل صاحب خلق ودين، ولكن لديه مرض السكري، وهو وراثي بعائلتي، فهل رفضي له لهذا السبب يعتبر جحودًا بنعمة الله، بعد إلحاحي بالدعاء واستجابته؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نهنئك بما مَنّ الله تعالى به عليك من التوبة، وقطع التواصل مع هذا الشاب، وظاهرٌ جدًّا أن هذا التواصل لم يكن منضبطًا بالضوابط الشرعية، ولهذا وقع في قلبك أنك على خطأ، ووفقك الله سبحانه وتعالى لتدارك أمرك، وإصلاح شأنك، فتبت إلى الله تعالى، فهنيئًا لك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، ويُقدّر لك الخير حيث كان، وكوني على ثقة -ابنتنا الكريمة- من أنه من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.

ثم ثانيًا: قد وُفقت أيضًا حين توجهت إلى الله تعالى بالدعاء بأن يرزقك الزوج الصالح؛ فإن الدعاء من أعظم الأسباب للوصول إلى الرغبات والأمنيات، مع الأخذ بالأسباب الأخرى، فأحسني ظنّك بالله، وأنه سيستجيب لك سبحانه وتعالى، وسيعطيك ما فيه صلاحك، فإن الدعاء لا يخيب صاحبُه من واحدة من أمورٍ ثلاث:
- إمَّا أن يُعطيه الله ما سأل.
- وإمَّا أن يصرف الله تعالى عنه من السوء بقدر ما سأل.
- وإمَّا أن يدّخر الله تعالى له الثواب إلى يوم القيامة.

فلا تيأسي، واثبتي على ما أنت عليه من التوجُّه إلى الله تعالى، وحسّني علاقتك بالله بأداء الفرائض، واجتناب المحرمات، فإن طاعة الله من أعظم الأسباب للوصول إلى الأرزاق، فقد قال الله: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وأمَّا رفضك لهذا الرجل لسبب المرض:
فليس فيه أي جحود لنعمة الله تعالى عليك؛ لأن هذا من المقاصد التي يقصدها الناس في زواجهم، فالمرأة تُحبُّ من الرجل ما يُحبُّ الرجل من المرأة، فتُحب أن يكون الزوج سليمًا صحيحًا، محافظًا على صحته، لتكون الحياة الزوجية أكثر اطمئنانًا واستقرارًا، وهذا من الناحية الشرعية، أي من ناحية الحكم الشرعي، فإنه لا إثم عليك في رفضه، ولا يُعتبر رفضك له جحودًا لنعمة الله تعالى عليك.

أمَّا هل الأفضل أن ترفضيه أو تقبلي به؟
فهذا أمرٌ يحتاج منك إلى رويّة، وتمهُّل، وإعادة النظر في الأمر من نواحٍ متعددة، مع استشارة العقلاء من أهلك، واستخارة الله سبحانه وتعالى.

وينبغي أن تُقارني فرصة الزواج بهذا الرجل، وتنظري فيمن حولك من أفراد أسرتك، ومدى توقعك لفرص الزواج المقبلة؛ فإن العمر يمضي، ورُبَّ فرصة تعرض للإنسان ثم لا تعود.

فلا بد من الموازنة الصحيحة، والمقارنة الدقيقة، مع استشارة العقلاء من قراباتك: كالوالدين، والإخوة، والخالات، والعمّات، واستخارة الله سبحانه وتعالى في أن يُقدّر لك الخير، فإذا انشرح صدرك، واطمئنّ قلبك إلى الاستمرار على هذا الرفض فهو خير.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً