الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتمنى الموت لأخفف عن والديّ التزامهم المادي تجاهي.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهلي يعيشون حالة من الضيق بسبب الحرب الاقتصادية علينا، أنا أدعو لهم بالبركة وتيسير الأمور دائمًا، لكن في الفترة الأخيرة الوضع بدأ يزداد سوءًا، وأرى كيف يعاني والداي لكي يؤمنوا الحاجات الأساسية لي، كل ذلك دفعني لسؤال الله أن أموت، فتقل التكاليف عليهم! مع العلم أنني ابنتهم الوحيدة بعد ثلاثة إخوة في الغربة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشعر بالألم الذي تعيشينه، ونتفهم الضغط النفسي الذي يمكن أن ينتج عن الظروف الصعبة التي تمرين بها مع عائلتك، الشعور بأنك عبء على أهلك في هذه الأوقات العصيبة، هو تعبير عن مدى حبك واهتمامك بعائلتك، لكن الحياة قيمة ثمينة وهبها الله لنا.

نود أن نذكرك بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له" (رواه الترمذي). مفهوم (الآخرة) هو مفهوم مركزي في حياة المؤمنين، وبقاؤنا في هذه الدنيا إنما هو مرحلة مؤقتة لاكتساب الزاد من الحسنات للآخرة، وهذا لا يعني أبدًا الاستعجال بطلب الموت بسبب سوء الأحوال المعيشية، ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلًا، فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي).

مشاعرك تعكس أهمية البحث عن الدعم النفسي والروحي لتخطي هذه الأوقات، يمكنك الاستفادة من بعض النصائح التالية:
1. الإلحاح في الدعاء، والتضرع إلى الله تعالى بأن يفرج همك، وييسر أموركم، فالدعاء سلاح المؤمن، ولا ينبغي اليأس من الدعاء، (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي).

ومما يمكن استحضاره مناسبة لهذا المقام قول الشاعر:
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى، والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود، فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب

2. التحدث مع أهلك، أو أشخاص تثقين بهم عن مشاعرك يمكن أن يخفف من الضغط النفسي الذي تشعرين به.

3. قراءة القرآن وتأمل معانيه، والذكر، والتفكر في خلق الله، مما يساعد على تهدئة النفس وتقوية الصبر والتحمل، ﴿ٱلَّذِینَ یَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِیَـٰمࣰا وَقُعُودࣰا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَیَتَفَكَّرُونَ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلࣰا سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ﴾ [آل عمران ١٩١].

4. أحياناً، العطاء للآخرين يمكن أن يخفف من شعورنا بالعجز، ويعزز من إحساسنا بالقيمة والإيجابية.
5. البحث عن مساعدة من مختصين نفسيين، أو مستشارين موثوق بهم قد يكون مفيدًا لمساعدتك على التعامل مع هذه المشاعر الصعبة بطريقة صحية.

تذكري دائمًا أن قيمتك لا تقاس بالعبء الذي تظنين أنك تشكلينه، وأن وجودك في حياة عائلتك يعد بركة وفرحة لهم، استمدي قوتك من إيمانك، واعلمي أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.

يسر الله أموركم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً