الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعثرت في دراسة الطب، فهل أغير التخصص خلافًا لرغبة أهلي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة تخصصت في دراسة طب الأسنان، سورية وأدرس في بلد عربي، تغربت عن أهلي لدراسة الطب في جامعة معتمدة، وسرعان ما وجدت الصعوبات تواجهني في الجامعة أكثر من صعوبة الغربة نفسها، رسبت في أول سنة وأعيدها الآن، ولا أعلم ماذا سيحدث لي هذه السنة.

حاولت التحدث مع أطباء نفسيين لما حدث لي؛ بسبب تفاقم القلق وصغر سني، ولكن أهلي يحملونني مسؤوليات كبيرة، وأريد العودة إلى بلادي ودراسة تخصص آخر؛ لأن علاماتي لا تؤهلني لدخول الطب في بلدي.

جامعاتنا غير معترف بها في كثير من الدول، إضافة إلى أنه يمكنني اختيار تخصص أبسط من الطب، ولكني لا أفهم فيه، مثل إدارة الأعمال وما إلى ذلك من التخصصات، ولكن أهلي يرفضون عودتي لأني أملهم الوحيد؛ بسبب سوء الأوضاع والأحوال، ولأن والدي لا يقوى على تحمل أعباء البيت لفترة أطول، تعب والدي ويريد من يعينه مستقبلًا، لا أعلم ماذا أفعل، وما هي نصيحتكم؟

تعبت والأطباء نصحوني بتناول الأدوية المهدئة، وأنا أرفض تناولها خوفًا من عواقبها، أنا مسلمة -الحمد لله-، وأمامي خيار من ثلاثة خيارات، استخرت واستشرت ولكني أريد نصيحتكم..
الخيارات المتاحة هي:
- العودة إلى بلادي والدراسة في تخصص آخر في جامعة غير معترفة.
- الانتقال إلى جامعة أخرى، وهذا الحل مكلف جدًا على ميزانيتي.
- تأخير السنة الدراسية؛ بسبب العامل النفسي.

أتمنى العودة إلى أهلي، ولكنهم يرفضون، وحالنا لا يسمح بخيبة أمل جديدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:

إننا نرجو ابتداء أن يكون معك محرم من أهلك في هذه الغربة، وأن تكون الرفقة معك مأمونة، فلا يخفاك حكم الشرع في سفر المرأة وحدها بدون محرم، نسأل الله أن يقدر الخير لك.

ثانيًا: إننا نتفهم حرص والديك على تعليمك الطب، وحرصهم على ألا تعودي في ظل هذه الظروف التي لا تخفى عليك إلى بلدك.

ثالثًا: اعلمي أنه لا توجد دراسة سهلة، بل كل الجامعات فيها صعوبة، التفاوت بينهم هو في مدى الصعوبة والقدرة على التأقلم، وعليه فالأفضل لك وأنت تدرسين، ألا تفترضي أن هناك كلية يسيرة سهلة تستطيعين تجاوز سنواتها بلا تعب.

رابعًا: قد رسبت العام الفائت، وهذا يوجب عليك الجلوس مع نفسك لدراسة الأسباب التي حالت بينك وبين النجاح، فإن كان ثمة تقصير منك وجب عليك تداركه، ولا شك أن إعادة السنة سيكون أيسر عليك في الاستيعاب؛ لأن المواد هذه قد شرحت لك قبل ذلك.

خامسًا: إن تعثر عليك إتمام الدراسة وشعرت بأن تدينك في خطر، أو أنك لن تستطيعي إتمام هذا الخير، فإننا ننصحك بالحديث إلى أهلك خاصة العقلاء منهم، أو من له تأثير على والديك؛ بحيث تكون هناك عودة لإكمال الدراسة في بلدك، استشيري أهل الفضل من أهلك، وانظري ماذا يقولون.

لكن إلى أن يأتي الجواب منهم اجتهدي في الدراسة على قدر استطاعتك، ولا تتركي بابًا من أبواب التفوق المباح شرعًا إلا وقمت بطرقه، مع كثرة الدعاء لله عز وجل أن يهديك إلى الطريق الصحيح.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يلهمك الصواب في الأمر، والله الموفق.
________________________________________
انتهت إجابة: د. أحمد المحمدي .. المستشار التربوي.
تليها إجابة: د. عطية إبراهيم محمد .. استشاري طب عام وجراحة وأطفال.
_______________________________________

لا شك -بنيتي- أن هناك قفزة هائلة من الثانوية العامة أو التوجيهي إلى الدراسة الجامعية، خصوصًا لمن لم يدرس مواد البيولوجي والكيمياء والفيزياء باللغة الإنجليزية؛ حيث تعاد الكثير من المواضيع بطريقة أشمل في السنة الأولى في دراسة طب الأسنان.

لكن في المقابل؛ فإن لغة الدراسة في الطب سواء الطب البشري أو الأسنان، هي لغة سهلة المرادفات والتعبيرات، بخلاف لغة الأدب الإنجليزي وكليات التجارة؛ حيث اللغة تكون معقدة، والمصطلحات لم تمر على الطالب في السابق، والمشكلة في كم المواد وليس في صعوبتها، وقد مررت بتجربة السنة الأولى وعرفت نقاط الضعف لديك.

فإذا كانت اللغة هي المشكلة فلا بأس من أخذ كورسات لغة في أحد المراكز، أو حتى التعلم من خلال تطبيق اليوتيوب؛ حيث إن كثيرًا من المواد يتم شرحها وتنزيلها في فيديوهات مجانية، ويمكنك متابعة تلك الفيديوهات والاستفادة منها، وبعد النجاح في السنة الأولى في طب الأسنان؛ فإن الدراسة بعد ذلك في معظمها تكون عملي في المختبرات، ويتم فيها فهم طبيعة تشريح الأسنان والحفر فيها، ومعرفة أسماء كل فئة منها، والأمراض التي تصيبها وكيفية علاجها.

والدراسة العملية من خلال تجاربنا تكون أسهل من الدراسة النظرية، لكن يحتاج الأمر إلى جهد مضاعف، سواء في الالتزام بالحضور، أو المذاكرة والمراجعة في البيت، أو في إنجاز ما يتم تكليفك به طوال مدة الدراسة؛ لأن تقييم كل مادة لا يعتمد على الامتحان النهائي الذي يمثل فقط من 30 - 40% فقط من إجمالي الدرجات، بل يشمل درجات على التدريب العملي، والسكاشن، وامتحان نصف العام، والامتحانات الشفوية والعملية.

ولا داعِي للشعور بالذنب والاستسلام للفشل، وعليك بداية عام دراسي جديد طالما هناك دعم مادي من الأسرة، فعليك بذل المزيد من الجهد والتركيز فقط في الدراسة، ومن حقك أن تسألي المعيد أو المدرس، عن كل ما يجول في خاطرك من أسئلة متعلقة بالمنهج، وسوف يرحبون بذلك -إن شاء الله-، مع الدعاء والصلاة وورد القرآن الذي يجدد الحالة النفسية والمزاجية، ويعطيك فرصة في الانتقال من مادة إلى أخرى، خصوصًا مع طموح الأسرة بأن تراك طبيبة أسنان وأنت قادرة على ذلك -إن شاء الله-.

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً