الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف وحالة قيء شديدة عند تدريس الطلاب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تخرجت من كلية المعلمين منذ سنة تقريباً، وتعينت في هذه السنة - بفضل الله - ولكن مشكلتي كانت في التطبيق العملي بالمدرسة، وهي ما يقارب الثلاثة أشهر، حيث كانت تأتيني حالة قيء شديدة، واستمر ذلك أسبوعاً كاملاً، وبعدها عاودت العمل فلم يمر سوى خمسة عشر يوماً وعادت نفس الحالة، وبعد أن تعافيت عادت الحالة مرة ثالثة، وفي كل مرة كنت أذهب للمستشفى فتظهر الفحوصات أنها سليمة، وجميع التحاليل تشير إلى أنني سليم.

علماً بأنني أثناء وجودي بالمدرسة يأتيني بعض الخوف، وتتزايد ضربات قلبي في بعض الأحيان، وأتعجب من خوفي رغم تدريسي لصبية صغار، وأحس بألم شديد أسفل البطن في الجهة اليسرى، ولم يشخص بأنه مرض عضوي ولم أزر طبيباً نفسياً من قبل، وإنما يقال بأنه التهاب بالمعدة والتهاب بالقولون وما شابه ذلك.

قد نصحني بعض الزملاء بالذهاب لطبيب شعبي، فذهبت واكتويت عنده ما يقارب خمسة عشر كوية متفرقة بين البطن والظهر، ولكني لم ألاحظ أي نتيجة، وقد اقتربت بداية السنة الدراسية، وأنا مدرس جديد مقبل على التدريس، فهل من حل؟!

ولكم كل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أيوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن حالتك من الحالات النفسية الشائعة، وإن كانت الأعراض تختلف من إنسان لآخر، وهي حالة بسيطة تعرف بحالة (نفسوجسدية)، بمعنى أنه توجد أعراض نفسية وأن منشأ الحالة في الأصل هو منشأ نفسي، ولكن تظهر هذه الحالة في شكل أعراض عضوية، وفي حالتك هي التقيؤ والشعور بآلام المعدة والأمعاء.

وصف هذه الحالة النفسية الأساسية هي القلق النفسي، وهذا أيضاً يسميه البعض بـ(القلق المقنع) لأنه لا يظهر بوضوح ولا يظهر في شكل أعراض قلقية حقيقية، وإنما تكون الأعراض الجسدية هي السائدة، وهذا النوع من القلق يرتبط أيضاً بالمخاوف الظرفية، وبسبب تجربتك الجديدة ربما أصابك نوع من الرهبة، وإن كنت لا تستشعر هذه الرهبة، ولكن هذا هو الشيء الغالب، وأنت في الأصل لديك الاستعداد للقلق، فالأمر بسيط جدّاً.

قد بدأت في العلاج الصحيح وهو العلاج السلوكي، وهي أن تُخضع هذه الأفكار وهذه الأحوال التي تصيبك إلى المنطق، فأنت تقول أنك تدرس صبية وهم أصغر منك كثيراً وأنت رجل ومؤهل - ولله الحمد - وليس هناك شيء يجعلك ترهب الموقف، ومثل هذا النوع من الرهاب الاجتماعي الخفيف هو ليس دليلاً على جبن الإنسان أو على ضعف شخصيته، ولكنه غالباً يكون مكتسباً في فترة سابقة في العمر، فربما يكون لديك خبرات في الطفولة قام أحد بتعريضك لموقف فيه خوف وهكذا، وأصبحت الحالة تنعكس عليك الآن، وبصفة عامة يكون أيضاً لديك الاستعداد للقلق وخاصة القلق الظرفي.

الطريقة التي تعالج بها هذا الأمر هي طريقة صحيحة، وهي تحقير فكرة الخوف وفكرة القلق، والشعور دائماً بأنك صاحب كفاءة وصاحب مقدرات، وتجاهل هذه الأعراض قدر المستطاع.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، حيث توجد أدوية ممتازة تساعدك في زوال هذه الحالة تماماً - إن شاء الله - فهناك عقار يعرف علمياً باسم (برومثازين Promethazine) ويعرف تجارياً باسم (فينرجان Phenergan)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرامات ليلاً.

هذا الدواء يوقف التقيؤ وكذلك الشعور بالغثيان، وهو دواء سليم، وقد يزيد من نومك قليلاً، وهو يعتبر علاجاً مساعداً لهذه الحالة، لكن الدواء الرئيسي هو العقار الذي يسمى تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً (حبة واحدة) ليلاً بعد الأكل، وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تناوله بجرعة حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله، فهذا هو الإرشاد النفسي والإرشاد الدوائي الذي أراه أنه سوف يكون مفيداً بالنسبة لك.

ممارسة الرياضة تساعد كثيراً في زوال أعراض القولون العصبي، وأنت لديك القابلية والاستعداد للقلق، وهذا يؤدي إلى ما يعرف بأعراض القولون العصبي، وممارسة الرياضة تعتبر من الأشياء الجيدة لعلاج مثل هذه الأعراض، كما أن مزاولة أي نوع من تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس تساعد في علاج ذلك، وتوجد كتيبات وأشرطة كثيرة توضح كيفية القيام بتمارين التنفس، كما أن شرب النعناع المغلي والمركز يساعد تماماً في اختفاء هذه الأعراض، وعليك بالثقة في الله أولاً ثم بالثقة في قدراتك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً