الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الزنا يحبط عمل الزاني

السؤال

هل يقبل الله أعمال الزناة أم هي هباء منثور، هل هم الأخسرون أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهل الزنا يحبط العمل، هل للزاني المصر على الزنا حسنات عند ربه أم أن حسناته لا ترفع حتى يتوب إلى الله، هل يقبل الله صيام وزكاة وصلاة وسائر أعمال الخير التي يقوم بها الزاني وهل يستجيب لدعائه، علما أن الرسول يقول في الحديث: تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي منادٍ: هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له، إلا زانية تسعى بفرجها أو عشَّارا، ويقول الرسول لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بأعمال أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا، قال ثوبان يا رسول الله صفهم لنا لئلا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم قوم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها، وفي الحديث القدسي ليس كل مصل يصلي إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، وكف شهواته عن محارمي، ولم يصر على معصيتي، هل الزاني ظالم لنفسه ولغيره وهل إصراره على معصيته يجعل من الذين يلعنهم الله، وباللغة العاصي هو عكس المتقي والله تعالى يقول بالقرآن الكريم ........إنما يتقبل الله من المتقين ) أرجو منكم التوضيح وهل ما ذهبت إليه صحيح.
الرجاء عدم إهمال سؤالي وإرسال الرد على اميلي علما بأن هذا السؤال قد أرسلته في السابق ولم تتم الإجابة عنه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن الزنا من المنكرات العظيمة وصاحبه ظالم لنفسه ولا بد، وأما كون الزنا محبطا لثواب عمل صاحبه فلا نعلم لذلك دليلا، ولا نعلم دليلا أيضا على أنه مانع من قبول أعماله الصالحة وإثابته عليها إذا توفرت فيها شروط صحتها، وانظر الفتويين: 93467، 25172، ولمعرفة المعنى المراد من حديث ثوبان راجع الفتوى رقم: 9268، وأما الحديث القدسي الذي أشرت إليه فقد رواه أبو نعيم في الحلية وابن عدي في كتابه الكامل في ضعفاء الرجال وقال عقبه: وهذا الحديث متنه غير محفوظ ولم يؤت من قبل حنظلة وإنما أتي من قبل الراوي عنه أبو قتادة، هذا واسمه عبد الله بن واقد الحراني وقد تلكم فيه. اهـ.

ولمعرفة المراد بقول الله تعالى: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ {المائدة: من الآية27}. راجع الفتوى رقم: 70683.

واعلم أن المعصية عموما قد تكون سببا في عدم استجابة الدعاء وليس ذلك بلازم، فقد يستجاب للمرء وهو مقيم على المعصية ولله في ذلك حكم بالغة، وأما الحديث الذي أشرت إليه -وهو حديث صحيح رواه الطبراني- فقد لا يكون في حق كل زان فإنه قد ذكر التي تسعى بفرجها أي تكتسب به، وهذه أعظم جرما وأخص من عموم الزناة.

وأما اللعن فلا نعلم دليلا يدل بخصوصه على لعن الزاني كما هو الحال في المرابي والمرتشي ونحوهما، ولكن ارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر على وجه العموم قد يكن سببا لحرمان صاحبه ومنعه من التوفيق لأعمال البر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني