الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العدل بين الزوجتين وهل للزوج حق في راتب امرأته

السؤال

ما حكم الشرع في رجل تزوج امرأة منذ حوالي عشرين عاماً، وخلال 15 سنة الأولى، كانا متوافقين تماما. وهما موظفان، وكانت المرأة قد أعطت زوجها كفالة بنكية، يقوم بموجبها بقبض راتبها عن رضى منها، وتفاهم طوال الخمسة عشر عاما، ولكن ومنذ 5 سنوات تقريبا، تزوج الرجل بأخرى، وانقلب 180 درجة تجاه زوجته الأولى مما اضطرها لإلغاء الكفالة البنكية، وهو الآن يمتنع عن الإنفاق على زوجته الأولى، ويمتنع كذلك عن الإنفاق على أولاده منها أيضا، وبشكل تام ومطلق، وهو أيضا يؤذي زوجته الأولى بالإهانات المستمرة، علما أنه امتنع عن عشرتها تماما، منذ أن تزوج الزوجة الثانية، كما أنه يطرد زوجته الأولى من البيت، لأتفه الأسباب، وهو تقريبا لا يكلمها أبدا، إلا عندما يقوم بتوبيخها وطردها. إضافة إلى أنه لا يمضي في بيت الزوجة الأولى عندها وعند أولادها إلا ساعة واحدة، أو أقل في اليوم الواحد، ويدخل عابس الوجه، ويتظاهر بالمرض في معظم الأحيان مع أنه يمضي باقي الوقت، في بيته الآخر عند زوجته الأخرى مبتسما، وكان ينام ليلة عند أولاده من الزوجة الأولى، مقابل ليلتين عند الزوجة الثانية، ومنذ أقل من سنة ترك المنام عند بيت الزوجة الأولى تماما. وهو يطالبها باستمرار بأن تعطيه المال مع كل ما يصدر منه من إساءات، ويتنكر للسنين الماضية التي وقفت زوجته إلى جانبه فيها. إضافة إلى أن زوجته الأولى هي التي تنفق على منزلها وأولادها، لأنه ترك النفقة عليهم،... فهل للزوج هنا أي حق في مال الزوجة حتى يطالبها به؟ وهل يحق للزوجة أن تمتنع عن طاعة زوجها في مثل هذه الحالة حيث إنه انتهك كل حقوقها الزوجية ؟وما إرشادكم الشرعي للزوجة ؟ وما حكم الشرع في كل من الزوج والزوجة هنا ؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ليس للزوج حق في راتب الزوجة، ما لم يكن شرط ذلك عليها لقاء خروجها للعمل، وعليه أن ينفق عليها، وعلى أبنائه، ولو كانت موسرة، كما يجب عليه أن يعدل بينها وبين زوجته الثانية، وإن قصر في ذلك فهو آثم، ولكن لا يحق للزوجة أن تمتنع من طاعته، سيما في الفراش، ولها حق التظلم منه، والمطالبة بجميع حقوقها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمرتب الزوجة هو من مالها الخاص بها، ولا حق لزوجها فيه، ما لم يكن شرط عليها شيئا من ذلك مقابل السماح لها بالعمل، كأن تنفق على نفسها وأولادها، أو تدفع إليه راتبها ونحو ذلك فله المطالبة به، إذ من حقه ألا يأذن لها في الخروج إلى العمل أو غيره، وللمزيد حول ذلك انظر الفتويين رقم: 19680 و 50178،

وأما هل يحق للزوجة أن تمتنع من طاعة زوجها ومعاشرته إن دعاها، فلا يجوز لها ذلك، وهو يتحمل وزر وإثم تقصيره في حقها وحق أولادها وميله إلى زوجته الثانية عنها، ولها مطالبته بجميع حقوقها، ورفعه إلى القضاء لإلزامه بذلك. وما عدا أمر الفراش، فلها معاملته بمثل ما يعاملها به في قول بعض أهل العلم، لقوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ.{البقرة 194}وذلك ما أشار إليه ابن ما يابي في نوازل العلوي بقوله:

ولا إساءة إذا الزوج ابتدا بمثلها لقوله من اعتدى.

وللمزيد في ذلك انظر الفتويين رقم: 69177 و 100405،

وأما نصيحتنا لتلك الزوجة، فهي أن تتقي الله تعالى في نفسها وفي زوجها، ولا يحملها شنآنه وجوره أن تعتدي، ولتسلك في معالجة تلك المشكلة السبل المشروعة من مناصحة لزوجها، وبيان ما يجب عليه شرعا، وتوسيط بعض الصلحاء، من أقاربه، وطلبة العلم لنصحه وتوجيهه، هذا مع التغاضي عما يمكن التغاضي عنه من هفواته وزلاته، والصبر على إساءاته لمصلحة الأولاد، ولعله يرعوي ويعود إن رأي منها ذلك الخلق الجميل، والوفاء الحسن، فقد قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَميم. { فصلت34 }. وأما الزوج، فعليه أن يتقي الله تعالى ويعلم أنه آثم بتضييعه لزوجته وأولاده، ففي الحديث: كفي بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. وهو آثم أيضا بميله إلى زوجته الثانية، وعدم عدله بين زوجتيه، وفي الحديث: من كانت له امرأتان، يميل مع إحداهما على الأخرى، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط . رواه أصحاب السنن بروايات وألفاظ مختلفة. وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية:11389 و 39286 و 79889

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني