الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عندي مشكلة ولا أعرف التعامل معها وهي: أنني حلفت أنا وأخي على القرآن بيمين، ولكن قبل أن نحلف اتفقنا على أنه إذا حنث أحدنا في يمينه فعليه كفارة، وأن الآخر حر في أن يكمل يمينه، وإن حنث، فعليه كفارة، ولم نشترط أنه إذا حنث أحدنا في يمينه يكون الآخر في حل من يمينه ولا شيء عليه، واليمين هو: أقسم بالله العظيم أن لا أطق عند إخوتي المتزوجين أكثر من أربع طقات ـ ومعنى كلمة طقة: العزيمة أي أن لا أفطرـ ونحن في رمضان ـ عند إخوتي المتزوجين الذين يعيشون في بيوتهم أكثر من أربع مرات، فأخي مسك المصحف بيده ثم حلف بالنص الذي ذكرته وكان يقصد بالطقة: العزيمة، يعني أن لا يفطرعند إخوتي أكثر من أربع مرات، أما أنا فعندما حلفت أردت بالطقة: القرع بالأصبع، ولم أقصد العزيمة، ولكنني حلفت بالنص أمامه، كما حلف هو، مع أنني أخفي في نفسي المقصد والنية من كلمة طقة وهو القرع بالأصبع وليس العزيمة وهو يظن أنني أقصد بها العزيمة، والآن وبعد الانتهاء من الحلف قلت له إنني لم أقصد بالطقة العزيمة، وإنما قصدت أن لا أقرع بأصبعي أكثر من أربعة مرات، وهو كان يقصد العزيمة، ملاحظه: هو كان يظن أنني أقصد بالطقة العزيمة، لكنني عندما حلفت لم أكن أقصد العزيمة، والسؤال هو: عندما سألت أخي الكبيرعن الموضوع قال لي لا يجوز أن تغير نيتك عند الحلف، وأنني عندما حلفت أمام أخي لا يجوز أن تكون نيتي غير ما يقصده أخي الآخر أي أنني ضحكت عليه فحلفت له بنية العزيمة، وعندما حلفت كانت نيتي القرع بالأصبع، وأن الحلف يكون بنية المحلوف له، فهل إذا أفطرت عند إخوتي المتزوجين أكثر من 4 مرات أكون قد حنثت في يميني؟ وعندما قلت لأخي عن نيتي بعدما حلفنا قال لي نحن لم نتفق على ذلك وقال إذا أفطرت أنت أكثر من 4 مرات عند إخوتي فأنا أعتبر نفسي في حل من اليمين الذي حلفته، لأننا حلفنا على شرط، فقلت له نحن لم نحلف يمينا مشروطة، وإنما مجرد اتفاق أن لا تفطر أنت أكثر من أربع مرات، وأن لا أفطر أنا أكثر من أربع مرات أيضا, وقلت له كما ذكرت سابقا، أليس هذا نفي لأن يكون بيننا شرط؟ إذ اليمين بيننا لم يكن مشروطا، لأننا لم نشترط إذا أخل أحدنا بالإتفاق، فإن الآخر لا شيء عليه ويخرج من يمينه، وما يؤكد ذلك قولي له إذا حنث أحد الطرفين في يمينه فلا علاقة للطرف الآخر ويكون في حل من يمينه وعليه أن يتم يمينه إن أراد، وإن حنث فعليه الكفارة ووافق على هذا الكلام، والآن وأنا نادم على حلفي أصلاً، لأنه لا يجوز الحلف على أشياء تافهة كهذه المواضيع، وأنا أعرف أنني ربطت أخي باليمين يا شيخ: فهل لو أفطرت أكثر من أربع مرات علي كفارة يمين أم لا؟ والسؤال الآخر: أنا أعرف أن اليمين تكون حسب النية والمقصد بغض النظر عن النص المقروء، ولا أدري إذا حلف اثنان هل يكون الحلف على نية الحالف أو المحلوف له؟ وهل هذا الكلام صحيح: أن علي كفارة يمين إذا حنثت؟ مع العلم أنني لا أعلم أن الحلف على نية المحلوف له. وأعتذر للإطالة والتكرار، ولكن الموضوع مهم وأريد أن أعرف، هل أنا ملزم باليمين على قصد أخي؟ أم بما كنت أقصده أنا؟ وهل اليمين بيننا مشروطة؟ مع العلم أنني ذكرت لك جميع ما اتفقنا عليه قبل الحلف.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن عدم جواز التأويل في الحلف وعدم اعتباره، شرط فيه بعض أهل العلم شروطاً منها: أن يكون الحالف ظالماً، أو منكراً حقاً للمحلوف وأن يحلفه الحاكم، وبناء عليه فيصح أن تتأول في حلفك، لأنه ليس له حق في الموضوع، بل إن الأولى بكما أن لا تحلفا على عدم الإفطار عند إخوتكم، فمن حق المسلم على المسلم أن يجيبه إذا دعاه، كما في الحديث: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس. متفق عليه.

ولا ينبغي للمسلم أن يجعل اليمين مانعاً له من إجابة الدعوة وغيرها من أعمال البر، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ {البقرة:224}.

وقال الرحيباني في شرح غاية المنتهى ـ وهو حنبلي: ولا ينفع تأويل في حلف ظالماً بحلفه، لحديث: يمينك على ما يصدقك به صاحبك.

وحديث: اليمين على نية المستحلف. رواهما مسلم.

فمن عنده حق وأنكره فاستحلفه الحاكم عليه فتأول، انصرفت يمينه إلى ظاهر الذي عناه المستحلف ولم ينفع الحالف تأويله، لئلا يفوت المعنى المقصود بالتحليف ويصير التأويل وسيلة إلى جحد الحقوق وأكلها بالباطل. ويباح التأويل لغيره أي غير الظالم، روى أن مهنا والمروذي كانا عند الإمام أحمد هما وجماعة معهما، فجاء رجل يطلب المروذي ولم يرد المروذي أن يكلمه، فوضع مهنا أصبعه في كفه وقال: ليس المروذي ههنا، وما يصنع المروذي ههنا. ولم ينكره أحمد. انتهى.

ومن هذا تعلم أنه لا حرج عليك في الإفطار عند إخوتك أكثر من أربع مرات ولا كفارة عليك، وأما ما تسميه بالشرط فلم يتضح لنا المراد منه، ولكن من حلف على أمر ما تنعقد يمينه ولا ينفعه إلا الاستثناء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني