الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوصاه والده قبل وفاته بنحر جملين وتوزيعهما على الفقراء

السؤال

أوصاني والدي قبل وفاته بحوالي شهر أنه إذا توفي أن أتصدق عليه بنحر عدد اثنين من الإبل وتوزيعها على الفقراء، علماً بأن المال الذي سيدفع لشراء الإبل هو من مالي الخاص. هل ذلك جائز ؟ وإذا كان كذلك فهل من الممكن أن يتم التصدق بالقيمة لتعمير مسجد أو غير ذلك بدلاً من نحر اثنين من الإبل حتى تكون الصدقة جارية وينتفع بها أكثر؟ وإذا كانت هناك طريقة أخرى للصدقة تكون أفيد نأمل أن تدلوني عليها؟ علماً أنه مضى على الوصية حوالي الخمس سنوات وكل يوم يمضي أشعر فيه بالذنب.
أثابكم الله

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت قد تعهدت لوالدك عند وصيته بتنفيذها فإن عليك أن تفي بعهده ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فقد قال الله تعالى: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً. {الإسراء:34}. ولأهمية الوفاء انظر الفتويين: 5797، 96338.

والوفاء بعهد الوالدين بعد موتهما من أهم الوفاء لأنه من تمام برهما فقد وروى الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه وغيرهما عن أبي أسيد مالك بن ربيعة رضي الله عنه قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله أبقي من بر أبوي شيء أبرهما به من بعد موتهما؟ قال: نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإيفاء بعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما. والحديث تكلم بعض أهل العلم في سنده.

أما إذا كان الأمر مجرد وصية منه وفي غير ماله الخاص ولم تتعهد له بها أو تلتزم بتنفيذها فإن تنفيذها حينئذ يكون تبرعا منك تشكر عليه وتؤجر إن شاء الله تعالى.

وما دمت تريد تنفيذ الوصية من مالك الخاص فإن الأمر يعود إليك فإن شئت جعلته في صدقة جارية في بناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى.. أو توفير ماء لمن يحتاجونه، ولك أن توزع القيمة على الفقراء والمساكين فكل ذلك واسع، ومن الصدقة التي ينتفع بها الميت ويصله ثوابها كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9998.

ولكن الصدقة الجارية أفضل من الصدقة المنقطعة لما روا ه مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: من صدقة جارية وعلم ينتفع به وولد صالح يدعو له. وقال صلى الله عليه وسلم: سبع يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره: من علم علماً، أو أجرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورَّث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته. رواه البزار وحسنه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير.

ولذلك فإذا أردت الصدقة عن أبيك فإننا ننصحك بالصدقة الجارية، ولك أن تختار ما يلائمك منها مما ذكر في الحديث.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه الخير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني