الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز للولي منع المرأة من الزوج بعد العقد ودفع المهر

السؤال

سؤالي بالنسبة لعلاقة زوجي بوالدي: فعندما تقدم زوجي للزواج بي وافق والدي وصارت الأمور على ما يرام، ثم بعد كتب الكتاب بدأ والدي بعمل المشاكل وتعقيد الأمور ووصلت إلى حد طرد زوجي أو عدم سلام والدي على زوجي عند زيارتنا، مع أن زوجي لم يخطئ أبدا ولكن والدي كان يصطنع المشاكل بشهادة الجميع ما أثار الكره والضغينة بين أهل زوجي ووالدي تحديدا ومن ثم كبرت المشاكل إلى حد كبير ما جعل والدي يحاول تطليقي والوقوف دون إتمام زواجي، وصارت الأمور صعبة جدا للغاية حيث إن أهل زوجي كانوا يصرون على زوجي ليطلقني ولكن زوجي رفض وقال أنا أريدها وهي زوجتي شرعا، وقد طلب مني زوجي مرارا الفرار من المنزل لإتمام حفل الزفاف ولكني رفضت الفكرة دائما لأني أردت نوال رضا والدي بأية طريقة لأنني لا أفعل شيئا منكرا، ولكن كل الطرق باءت بالفشل الذريع مع والدي خصوصا أنه وقبل زفافي بـ 4 أشهر ذهب هو ووالدتي للعمرة وإجازة لمدة شهرين وطلب مني والدي عدم القيام بأي أمر سيء (يقصد الفرار أثناء غيابه مع زوجي) ووعدته وأخبرته أنني لا يمكن أن أفعل مثل هذا الشيء، مع العلم بأني وزوجي كتبنا الكتاب لمدة (سنتين كاملتين آنذاك) وعندما عاد والدي كأن شيئا لم يكن وقام مرة أخرى بافتعال المشاكل والطلبات غير المعقولة، فما كان من زوجي إلا أن خيرني بين البقاء مع والدي والطلاق أو إتمام مراسم الزفاف وحينها قمت بعمل المستحيل لإرضاء أبي ولكن دون جدوى، حتى والد زوجي عرض علي قبل يوم واحد من الزفاف الذهاب لوالدي وتقبيل رأسه ليسمح لوالدتي حضور الزفاف إذا لم يرد هو ذلك، ولكن والدي رفض. وبمساعدة أمي وأخواتي تم الزفاف ولكن والدي لم يحضر ومنع أمي وأخواتي الصغار أن يحضروا ولم يحضر سوى أختي الكبرى وأخوان كبيران لي طبعا دون موافقة والدي، المهم زوجي أمهل والدي فرصة للصلح منذ يوم بدأت المشاكل وحتى يوم الزفاف وقال لي إن لم يحضر والدك فستكون قطيعة إلى الأبد بين زوجي ووالدي (مع العلم بأني أول واحدة أتزوج من بين كل إخوتي وأخواتي) والآن هذا ما حصل حيث إن زوجي يرفض قطعيا الحديث مع والدي خصوصا أن والدي قاطعني ومنعني من دخول المنزل أو الحديث مع أمي مدة شهر كامل بعد زواجي إلى أن هداه الله وسمح لي بذلك، ثم شاءت الأقدار أن أنتقل وزوجي وابنتي للعيش في دولة أخرى والآن والدي يعتب علي لعدم حل الخلاف بينه وبين زوجي وقد نسي ما قمت به من أجل عدم حدوث هذا الخلاف وأنه هو من صعب الأمور ورفض الحلول والصلح تماما، ولكن والدي أفاق من هذا كله بعد أن رزقني الله طفلتي الأولى والتي هي أولى أحفاد والدي وبعد أن تركنا البلد وانتقلنا للعيش في بلد آخر.
أسألكم ما حكم الشرع في هذا كله؟ وما عساي أن أفعل لأحل هذا الخلاف؟ وهل أنا آثمة؟مع العلم بأن زوجي إنسان عنيد جدا جدا وهو لا يكلم أخاه الوحيد لأنه إنسان أخطأ كثيرا في حق زوجي وحق والدة زوجي والجميع، فزوجي إنسان لا يمكن أن يغفر بسهولة وهذه إحدى السيئات في زوجي على الرغم من أنه حنون وطيب ولكنه عنيد ولا ينسى السيئة، كما أنه دائما يخبرني بأنه وأهله أعطوا والدي فرصة كبيرة إلى يوم الزفاف ولكن والدي لم يقبل بأي شي على الإطلاق ولهذا فهو لا يسمح لي إطلاقا بالحديث في هذا الموضوع وإلا قامت القيامة وحدثت مشكلة بيننا.
أرجو الرد على سؤالي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اتفقت كلمة أهل العلم على أنه إذا تم العقد الشرعي ودفع الزوج المهر فلا يجوز لولي المرأة أن يمنعه من البناء بل ولا يجوز للزوجة نفسها أن تمتنع من ذلك.

جاء في المجموع شرح المهذب: وحكى الشيخ أبو حامد أن الشافعي رحمه الله في الاملاء قال: إذا دفع مهرها ومثلها يجامَع فله أن يدخل بها ساعة دفع إليها المهر أحبوا أو كرهوا، واختلف أصحابنا فيها، فقال الشيخ أبو حامد: يجب على الزوج الامهال يوما واحدا، وما قال في الاملاء أراد به بعد الثلاث. وقال القاضي أبو حامد: هل يجب عليه الإمهال ؟ فيه قولان:

أحدهما:لا يجب عليه الإمهال لأنه قد تسلم العوض فوجب تسليم المعوض كالبيع.

والثاني: يجب عليه الامهال لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تطرقوا النساء ليلا) رواه أحمد والبخاري ومسلم من حديث جابر. انتهى.

فإن كان الزوج قد دفع ما لزمه من مهر سواء جميعه أو المقدم منه وأصر والدك بعد ذلك على منعه من الزفاف فلا شك أنه مخطىء بفعله هذا ظالم للزوج ظلما ظاهرا.

وعلى كل حال فعليك أن تذكري زوجك بالله سبحانه وبأمره بالعفو والصفح في مثل قوله سبحانه, فقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. {النور: 22}. وقال سبحانه: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ.{الشورى:40}, وأنه سبحانه قد ندب إلى رد السيئة بالحسنة استصلاحا للمسيء واستئلافا لقلبه فقال سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.{فصلت : 34}.

ولقد كان العفو والصفح والدعاء للمسيء من أخلاق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسولِ الله صلى الله عليه وسلم, فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين .

وفي صحيح البخاري قال عبد الله: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه و سلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ).

ويمكنك أن توسطي لديه من يملك التأثير عليه كوالديه أو إخوته ونحو ذلك ليحملوه على التغاضي عما كان من أبيك, ثم اطلبي من أبيك أن يظهر لزوجك من حسن المعاملة وطيب الحديث ما عساه أن يزيل ما في صدره عليه.

هذا وعليك أن تسلكي في كل هذا سبيل اللطف واللين واحذري من أن تعرضي حياتك وحياة زوجك وابنتكما إلى أي اهتزاز، فإن تبين لك أن الزوج ماض فيما هو فيه من قطيعة فاصبري حتى يغلب على ظنك أنه صار أقل تشبثا بموقفه، هذا وعليك أن تنصحه في شأن مقاطعته لأخيه واطلعيه على هذه الفتوى والفتوى رقم: 4417.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني