الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف بالطلاق ثلاثا ألا يركب سيارة ما فهل له أن يتراجع

السؤال

أنا مشارك لأصهاري في سيارة أجرة وحصلت مشكلة بسبب الحريم فقلت: علي الطلاق بالثلاثة ما أنا راكبة ولا عامل فيها حاجة ـ وكان ذلك في ساعة غضب ـ والحمد لله ـ حلت المشكلة، فماذا أفعل للرجوع عن هذا اليمين؟ مع أنني إنسان هادئ ولا أحلف بهذا اليمين؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال غير واضح الألفاظ، وعلى أية حال، فالطلاق المعلق يقع بحصول المعلق عليه عند الجمهور، وعلى ذلك فإن كنت قد حلفت بالطلاق بالثلاث على عدم ركوب تلك السيارة، فالمخرج من الطلاق هو عدم ركوبها فإن ركبتها على الوجه الذي حلفت عنه وقع الطلاق ثلاثا عند جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وهو القول الراجح المفتي به عندنا، وبذلك تحرم عليك زوجتك حتى تنكح زوجا غيرك ـ نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقها بعد الدخول، إلا أن تكون قد قصدت أن لا تركب تلك السيارة مدة معينة، أو على وجه معين، فإن ذلك يخصص يمينك ولا يحصل الحنث إذا ركبتها بعد تلك المدة، أو على وجه غير الذي حلفت عنه، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه إذا قصدت التهديد، أو المنع ولم تقصد طلاقا لزمتك كفارة يمين فقط، وإن قصدت الطلاق لزمتك طلقة واحدة، وعلى هذا القول فلك مراجعتها قبل تمام عدتها إن لم يكن هذا الطلاق مكملا للثلاث، وما تحصل به الرجعة قد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 30719.

ولا يمكنك التراجع عن هذا الطلاق المعلق عند الجمهور، وهو القول الراجح عندنا، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية إنه يمكنك التراجع عنه قبل الحنث، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ في الشرح الممتع: إذا علق طلاق امرأته على شرط، فهل له أن ينقضه قبل وقوع الشرط أو لا؟ مثاله:

أن يقول لزوجته: إن ذهبتِ إلى بيت أهلك فأنت طالق ـ يريد الطلاق لا اليمين، ثم بدا له أن يتنازل عن هذا فهل له أن يتنازل أو لا؟ الجمهور يقولون: لا يمكن أن يتنازل، لأنه أخرج الطلاق مِنْ فِيهِ على هذا الشرط فلزم، كما لو كان الطلاق منجزاً، وشيخ الإسلام يقول: إن هذا حق له، فإذا أسقطه فلا حرج، لأن الإنسان قد يبدو له أن ذهاب امرأته إلى أهلها يفسدها عليه، فيقول لها: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم يتراجع ويسقط هذا. انتهى.

وننصحك بالرجوع لمحكمة شرعية، أو مشافهة الثقات من أهل العلم لحكاية تفاصيل ما صدر منك، فإن فيه من التعقيد مالا يستغنى معه عن المشافهة.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني