الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

على الزوجين أن يترفعا قدر الطاقة عن مشاكلهما

السؤال

أنا متزوجة منذ خمس سنوات، وزوجي لا يعمل، وأنا أعمل، وراتبي لا يكفي للمعيشة، وهو يقوم على تغيير قفل الباب كلما ذهبت إلى أهلي، وفي يوم ذهبت إلى أهلي، وكعادته قام بتغيير القفل، وعند ذلك رجعت بيت أهلي، وعندما عاد للصلح، رفضت ذلك، ومن ذلك اليوم وهو على أمل في الصلح، ولكني لا أريد، فهو لم يصرف عليّ ريالًا واحدًا، وأنا عند أهلي منذ سنتين وشهرين، فما حكم ذلك؛ لأنني أريد الطلاق؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الصلة بين الزوجين من أقوى الصلات، وأوثقها، وليس أدلّ على ذلك من أن الله سبحانه وتعالى سمّى العهد بين الزوج وزوجته بالميثاق الغليظ، فقال: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21].

وإذا كانت العلاقة بين الزوجين هكذا موثقة مؤكدة، فإنه لا ينبغي الإخلال بها، ولا التهوين من شأنها، وكل أمر من شأنه أن يهون هذه العلاقة، ويضعف من قواها، فهو بغيض إلى الإسلام؛ لأنه يفوّت المنافع، ويهدد مصالح كل من الزوجين، ولأن استقرار الحياة الزوجية، واستمرارها، غاية من الغايات، التي يحرص عليها الإسلام، ويحث عليها، فعن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن، وحسنه الترمذي.

وبهذا تعلمين -أيتها السائلة- أن ما يجري بين الزوجين من مشادات خفيفة، واختلاف وجهات نظر -مما لا تنجو منه امرأة، ولا يخلو منه بيت غالبًا، لا ينبغي أن يكون سببًا لحلّ ذلك الميثاق الغليظ، ولا في تفكك هذه الأسرة الصالحة -إن شاء الله تعالى-.

ثم إن خروجك من بيت زوجك إلى غيره، وامتناعك من الرجوع، لا يجوز لك القدوم عليه أولًا، إلا بضرر حاصل لك في المقام في بيت زوجك، ولا يحق لك أن تطالبيه بأية مصاريف في هذه الفترة، التي أقمتها خارج بيته؛ لأن من شروط استحقاق الزوجة النفقة، تسليمها نفسها لزوجها، وعدم امتناعها من الانتقال معه حيث يريد.

أما ما ذكرت من أن زوجك عاطل، ولا عمل لديه، فإذا كان هذا يسبب له حاليًّا العجز عن الإنفاق عليك بما يناسب حالك وحاله، فلك حق المطالبة بنفقتك، ومتعلقاتها، ورفع أمرك إلى القاضي؛ لينظر فيه، وهذا هو مذهب الجمهور؛ لقوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}، فعلى الزوج أن يمسك زوجته بالمعروف، أو يفارقها بإحسان، ولا شك أن عدم النفقة ينافي الإمساك بمعروف، وقد قال الله تعالى: وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا {البقرة:231}، وقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر، ولا ضرار. رواه ابن ماجه بسند حسن، وأي ضرر ينزل بالمرأة أكثر وأشد من ترك الإنفاق عليها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني