الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف أيمانا ولم يقصد الطلاق قائلا: يحرم عليّ أكلُك، يحرم عليّ شربُك، يحرم عليّ فراشُك

السؤال

حصلت مشاكل مؤخرًا بيني وبين زوجتي؛ حتى وصلنا إلى عدم الرجوع، وصلنا إلى حد الطلاق, ولم يبقَ إلا أن أنطق بالطلاق، ولكن الله سبحانه وتعالى حال بيني وبين هذه الكلمة - ولله الحمد - إلا أنني حلفت أيمانًا مغلظة بيني وبينها كي أسيطر على الموقف وأوقف المشاكل نهائيًا, فقلت لها: "يحرم عليّ أكلُك، يحرم عليّ شربُك، يحرم عليّ فراشُك - أقصد به الجماع –" أي: أنني حلفت بتحريم كل شيء منها، ولكن لم أقصد الطلاق مطلقًا, فقلت: إذا وصلت بيننا للطلاق فلماذا لا نعيش مع بعض؟! ولكني لا أريد منها أي شيء سوى أن تبقى عندي, وعلى أولادها, وبنفس الوقت لا ننفصل!!!
السؤال: في حال أردت الرجوع عما حلفت عليه, فهل علي من كفارة؟ وهل التكفير يكون قبل الرجوع عما حلفت عليه أم بعده؟
جزاكم الله خيرًا, وبارك فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت لم تقصد الطلاق بهذه العبارات فحكمها حكم اليمين بالله، ففي فتاوي الخليلي على المذهب الشافعي: (سئل) عن رجل قال لزوجته: يحرم عليّ جماعك ماذا عليه؟(أجاب): حيث نوى بذلك التحريم حالًا فعليه كفارة يمين.

وحيث إنك حلفت أيمانًا متعددة على أمور مختلفة، فإنك إذا فعلت واحدًا منها حنثت ولزمتك الكفارة, وإذا فعلت جميعها فهل تلزمك كفارة واحدة أم لكل يمين كفارة؟ الجمهور: على لزوم كفارة لكل يمين, وبعض العلماء يرى لزوم كفارة واحدة، قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني: وإن حلف أيمانًا على أجناس، فقال: والله لا أكلت، والله لا شربت، والله لا لبست, فحنث في واحدة منها، فعليه كفارة، فإن أخرجها ثم حنث في يمين أخرى، لزمته كفارة أخرى, لا نعلم في هذا أيضًا خلافًا؛ لأن الحنث في الثانية تجب به الكفارة بعد أن كفر عن الأولى، فأشبه ما لو وطئ في رمضان فكفر، ثم وطئ مرة أخرى, وإن حنث في الجميع قبل التكفير، فعليه في كل يمين كفارة, هذا ظاهر كلام الخرقي, ورواه المروذي عن أحمد, وهو قول أكثر أهل العلم, وقال أبو بكر: تجزئه كفارة واحدة, ورواها ابن منصور عن أحمد, قال القاضي: وهي الصحيحة, وقال أبو بكر: ما نقله المروذي عن أحمد قول لأبي عبد الله، ومذهبه أن كفارة واحدة تجزئه, وهو قول إسحاق.

وأما كون الكفارة قبل الحنث أو بعده: فكلا الأمرين جائز، وانظر الفتوى رقم: 17515.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني