الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالات جواز خطبة المسلم على خطبة أخيه

السؤال

لقد تعرفت على فتاة, وبعد أن تحدثت إليها انجذبت إليها, وبعدها عرفت أنها مخطوبة, وعند سؤالي عن خطبتها عرفت أنها مخطوبة لشخص لم تختره, ولا تحبه, فقررت أن أعترف لها بطريقة غير مباشرة أني أعرف سر خطبتها, وأني أريد خطبتها - إن لم توفق مع الأول - وعرفتها ذلك عن طريق سؤالها عن عمل والديها وأخواتها, وبعد فترة بدأت تصارحني بأنها غير راضية من البداية عن هذه الخطبة, فطلبت منها أن تعترف بذلك لوالديها, ولكن المشكلة أن والديها رفضوا فسخ الخطبة, لأن الخطبة بداية كانت بموافقتهم هم فقط, وفضلت أن أتحدث معها لنفكر كيف تقنع والديها بترك الأول, مع العلم أنها في فترة من الفترات كانت قد اقتربت من خطيبها الأول قليلًا, ولكنها سرعان ما بعدت عنه, واعترفت له مرارًا بأنها لا تريده؛ وذلك لسوء شخصيته, ولأنه ليس متدينًا بما فيه الكفاية, وبعد ذلك وافق أهلها, وتقدمت لخطبتها, ووافق أهلها على خطبتنا, ونحن قلقون الآن من أن يكون ما فعلناه خطأ, فهل هناك كفارة - إذا كان ما فعلناه خطأ -؟ وما الواجب علينا فعله الآن؟ علمًا أننا زواجنا متعثر لأسباب مادية, وأخاف أن يكون ما فعلنا له علاقة بذلك.
آسف جدًّا للإطالة, وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد نص الفقهاء على أنه تحرم خطبة المسلم على خطبة أخيه المسلم، وأنها لا تجوز إلا في حالات معينة، ففي حاشية الروض المربع على زاد المستقنع في الفقه الحنبلي: (فإن أجاب ولي مجبرة) ولو تعريضًا لمسلم (أو أجابت غير المجبرة لمسلم حرم على غيره خطبتها) بلا إذنه؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك. رواه البخاري والنسائي (وإن رد ) الخاطب الأول (أو أذن) أو ترك, أو استأذن الثاني الأول فسكت (أو جهلت الحال) بأن لم يعلم الثاني إجابة الأول (جاز) للثاني أن يخطب. اهـ.

وإن رفضت خطبته - ولو بعد إجابة سابقة - سقط حكم الإجابة، بل ويسقط حكم إجابة وليها إن كرهت, كما نص على ذلك ابن قدامة في المغني حيث قال: والتعويل في الرد والإجابة على الولي - إن كانت مجبرة - وعليها إن لم تكن مجبرة لأنها أحق بنفسها من وليها, ولو أجاب هو ورغبت عن النكاح كان الأمر أمرها, وإن أجاب وليها فرضيت فهو كإجابتها, وإن سخطت فلا حكم لإجابته؛ لأن الحق لها, ولو أجاب الولي في حق المجبرة فكرهت المجاب واختارت غيره سقط حكم إجابة وليها؛ لكون اختيارها مقدمًا على اختياره, وإن كرهته ولم تجز سواه فينبغي أن يسقط حكم الإجابة أيضًا؛ لأنه قد أمر باستئمارها, فلا ينبغي له أن يكرهها على ما لا ترضاه, وإن أجابته ثم رجعت عن الإجابة وسخطته زال حكم الإجابة؛ لأن لها الرجوع .اهـ.

وعلى هذا: فإن كان إقدامك على خطبتها بعد أن علمت منها ردها الخاطب الأول, فلا حرج عليك في ذلك.

وما ذكرت من تعثر أمر الزواج فقد يكون مجرد ابتلاء، ولا يلزم أن يكون عقوبة على ذنب، على فرض أنك قد ارتكبت مخالفة شرعية في هذه الخطبة.

ونوصيك بالدعاء أن ييسر الله الأمر, وننصح بعدم المغالاة في المهور, والذي قد يكون معوقًا في إتمام الزواج في الغالب، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 61385.

وننبه إلى أن محادثة الرجل لامرأة أجنبية لا تجوز إلا لحاجة, مع مراعاة الضوابط الشرعية, كعدم اللين في القول, ونحو ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني