الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نزول الله إلى السماء الدنيا لا ينافي استواءه على العرش

السؤال

السلف الصالح يقولون إن الله بائن من خلقه ـ ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته ـ لكن في نفس الوقت يقولون: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ـ ومن المعروف أن السماء من خلقه، فكيف نجمع بين المقولتين؟ وقد دلت الأدلة على أن الله استوى على العرش، لكن كيف نثبت أن الله ما زال إلى الآن مستويا على العرش؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس معنى نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا أن الله سبحانه يحل فيها تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، قال شيخ الإسلام: وَالرَّبُّ رَبٌّ، وَالْعَبْدُ عَبْدٌ، لَيْسَ فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، وَلَا فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ: وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِاَللَّهِ يَعْتَقِدُ حُلُولَ الرَّبِّ تَعَالَى بِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ وَلَا اتِّحَادَهُ بِهِ. انتهى.

ولمزيد فائدة راجع الفتويين رقم: 74007، ورقم: 193249.

ونزوله تعالى إلى السماء الدنيا إنما هو نزول حقيقي يليق بجلاله سبحانه، ولا يعرف كيفيته إلا هو عز وجل، ولا ينافي استواءه على العرش، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: مذهب السلف والأئمة أنه مع نزوله إلى سماء الدنيا لا يزال فوق العرش لا يكون تحت المخلوقات ولا تكون المخلوقات محيطة به قط، بل هو العلي الأعلى: العلي في دنوه، القريب في علوه، ولهذا ذكر غير واحد إجماع السلف على أن الله ليس في جوف السماوات، ولكن طائفة من الناس قد يقولون: إنه ينزل ويكون العرش فوقه ويقولون: إنه في جوف السماء وإنه قد تحيط به المخلوقات وتكون أكبر منه، وهؤلاء ضلال جهال مخالفون لصريح المعقول وصحيح المنقول، كما أن النفاة الذين يقولون: ليس داخل العالم ولا خارجه جهال ضلال مخالفون لصريح المعقول وصحيح المنقول، فالحلولية والمعطلة متقابلان. انتهى.

وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء في الممكلة السعودية: لا تعارض بين نزوله تعالى إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من كل ليلة مع اختلاف الأقطار وبين استوائه عز وجل على العرش، لأنه سبحانه لا يشبه خلقه في شيء من صفاته، ففي الإمكان أن ينزل كما يشاء نزولا يليق بجلاله في ثلث الليل الأخير، بالنسبة إلى كل قطر، ولا ينافي ذلك علوه واستواءه على العرش، لأننا في ذلك لا نعلم كيفية النزول ولا كيفية الاستواء، بل ذلك مختص به سبحانه، بخلاف المخلوق فإنه يستحيل في حقه أن ينزل في مكان ويوجد بمكان آخر في تلك اللحظة ـ كما هو معلوم ـ إلا الله عز وجل فهو على كل شيء قدير، ولا يقاس ولا يمثل بهم، لقوله عز وجل: فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ـ وقوله سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. انتهى.
وأما ما هو الدليل على أن الله لا يزال مستويا على العرش: فيطالب به من ينفي انقطاع هذه الصفة عن الله، فنحن لم نتجاوز القرآن والحديث في هذه الصفة ولا في غيرها من الصفات، فلما أخبر الله تعالى أنه: استوى على العرش ـ وصفناه بها، قال الشيخ صالح آل الشيخ: الاستواء على العرش صفة فعل من جهة أن الله جل وعلا لم يكن مستويا على العرش ثم استوى عليه، وهي صفة لازمة، وعلى حد التعريف الثاني للصفة الذاتية فإنها تدخل في الصفة الذاتية بأن الله استوى على العرش ولا يزال مستويا عليه. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 76111.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني