الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تتوب من الذنوب ثم ترتكبها.. حائرة ولا تدري كيف تتخلص

السؤال

لدي مشكلة: وهي الصراع بين رغبتي في فعل شيء ورغبتي في تركه، أرتكب ذنبا وأريد تركه وأحبه في نفس الوقت، وهذا الأمر يزعجني وأريد تركه، لأنه لا يرضي الله عز وجل، ولا أعرف كيف؟ وأفكر كيف أدعو الله وأنا أعصيه؟ وكيف أرسل لأصدقائي رسائل دينية وأنا أعصي الله؟ ولكن إن تركت دعاء ربي ورجاءه فمن أدعو وأرجو؟ أشعر بصراع نفسي وإحساس بالذنب ومشاعر كثيرة مختلطة.. وجهوني، فهل أدعو؟ أم أستغفر؟ أم ماذا أفعل؟ وإن كان لدي ذنب فكيف أتركه؟ أفكر في الله وأعلم أنه قادر علي ولكنني لا أعرف كيف أتصرف؟ أحيانا أترك الذنب وكثيرا ما أعود إليه، ساعدوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي ـ وفقك الله ـ أن كل ابن آدم خطاء، وأن سمة التقي أنه إذا أذنب رجع إلى ربه وتاب من قريب، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ {الأعراف:201}.

والله تعالى لطيف بر غفور رحيم يقبل توبة التائبين ويقيل عثرات المستغفرين، فنصيحتنا لك أن تجاهدي نفسك في ترك هذا الذنب حتى يمن الله عليك بالتخلص منه، ولا تيأسي من التوبة، ولا تقنطي من رحمة الله مهما تكرر منك هذا الذنب، فإن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، ومتى علم الله منك صدق المجاهدة والرغبة في التوبة النصوح، فإنه يمن عليك بالعون ويتداركك برحمته تعالى، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69}.

فاستمري في مجاهدة نفسك وكفها عما يسخط الله تعالى، وإذا غلبتك نفسك وظفر بك الشيطان في جولة فليست هذه نهاية المعركة، بل تداركي بتوبة نصوح عاجلة تمحو أثر ذلك الذنب، وأكثري من فعل الحسنات والتقرب بالطاعات ونوافل العبادات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وإياك أن تدعي دعاء ربك تعالى، أو الدعوة إليه، أو شيئا من أعمال الخير التي تأتين بها بحجة أنك صاحبة ذنب، فإن الذي ينبغي هو العكس، أن تتزودي من أعمال الخير وتستكثري منها رجاء أن تكون عونا على محو تلك الذنوب ـ بإذن الله ـ وليس من شرط من ينصح الناس أن يكون خاليا من العيوب، كما قيل:

ولو لم يعظ الناس من هو مذنبٌ فمن يعظ العاصين بعد محمدِ

صلى الله عليه وسلم.

فاجتهدي في جميع صنوف القرب، وأكثري من الدعاء والاستغفار، فليس ثم باب يطرقه العبد المذنب المسيء سوى باب ربه سبحانه، وهو سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، واصحبي أهل الخير والصلاح، وأشغلي وقتك بما ينفعك في دينك ودنياك، وأديمي اللجأ إلى الله في أن يصلح قلبك ويثبتك على دينه، فإن القلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه يقلبها كيف يشاء.

هدانا الله وإياك لأرشد أمورنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني