الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أحكام النظر إلى الأجنبيات

السؤال

عندنا جارة جاوزت الستين من عمرها، وعندما تزرونا في البيت قد تكشف منطقة الرقبة والقدم، وهي جارة نعرفها جديا وعلاقتنا بها قوية، فهل يجوز لي النظر إليها؟ وبعض النساء قد تظهر بعض الشعيرات من وجوههن، فهل يجوز النظر إليها مع العلم أن الكثير من النساء في مصر يظهرن الوجه، كما أن نساء الأقباط يظهرن شعورهن وقد يضطر الإنسان إلى معاملتهن، فهل يجوز النظر إليهن؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما تلك المرأة العجوز: فالأحوط لها أن تستتر فلا تبدي أكثر مما تبديه الشابة وهو الوجه والكفان، وأما النظر إليها فمحل خلاف بين العلماء، فمنهم من منع النظر إليها كما يمنع النظر إلى الشواب، ومنهم من أجازه إلى وجهها وكفيها، ومنهم من وسع في ذلك فأجاز النظر إلى ما يظهر غالبا منها ما كانت الفتنة مأمونة، والورع غض البصر ما أمكن، فإنه أحوط للدين وأبرأ للذمة، وإن كان القول بجواز النظر إلى وجهها وكفيها حيث أمنت الفتنة قولا قويا وهو قول الجمهور، وهاك تفصيل مذاهب أهل العلم كما في الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء أنه يحرم النظر بغير عذر إلى العجوز بقصد اللذة أو مع وجدانها، وإنما اختلفوا في حكم النظر إليها من غير شهوة ولا قصد التلذذ على قولين:

القول الأول: يجوز النظر إلى وجهها وكفيها إذا كانت لا تشتهى وغير متبرجة بزينة، وهذا هو قول جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة...... وأما الحنابلة: فيجوز عندهم النظر إلى وجه العجوز التي لا تشتهى وكفيها والشوهاء وكذلك البرزة التي لا تشتهى والمريضة التي لا يرجى برؤها، وقال ابن قدامة: لا بأس بالنظر إلى ما يظهر غالبا من العجوز لقول الله عز وجل: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ـ والقواعد هن العجائز اللواتي قعدن عن التصرف بسبب كبر السن، وقعدن عن الولد والمحيض، وذهبت شهوتهن، فلا يشتهين ولا يشتهين، فأبيح لهن وضع الجلباب والخمار، لانصراف الأنفس عنهن وعدم التفات الرجال إليهن، فأبيح لهن ما لم يبح لغيرهن، فجاز النظر إليهن ومصافحتهن لانعدام خوف الفتنة، ويشترط في ذلك أن لا يكن متبرجات بزينة، أي مظهرات ولا متعرضات بالزينة لينظر إليهن. انتهى.

وأما من تبدو بعض شعرات من رأسها: فلا يجوز النظر إلى وجهها المنكشف فضلا عن النظر إلى شعرها الذي هو عورة قطعا، فإن الله تعالى يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور:30}.

وقال صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن نظر الفجأة: اصرف بصرك. رواه مسلم.

والمسلمة وغيرها سواء في حرمة النظر إلى ما انكشف منهن، وأما النظر عند المعاملة من البيع ونحوه: فإنما يجوز لما تدعو الحاجة إلى النظر إليه وهو الوجه، قال ابن قدامة في المغني: وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة، فله النظر إلى وجهها، ليعلمها بعينها، فيرجع عليها بالدرك، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كرهه لمن يخاف الفتنة، أو يستغني عن المعاملة، فأما مع الحاجة وعدم الشهوة، فلا بأس. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني