الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البعد عن الاستدانة أولى

السؤال

‏ بوركت جهودكم على ما تقدمون. ‏أنا معلم، متزوج، وعندي ولد، ‏وراتبي 620 دينارا أردنيا، ولله ‏الحمد أسكن في بيت صغير، لا ‏تتعدى مساحته 40 مترا مربعا، بنيته ‏فوق منزل أهلي في منطقة شعبية ‏في عمان، أصبحت الأوضاع فيها لا ‏تطاق بسبب انتشار الجريمة، وقلة ‏النظافة، والفساد الأخلاقي، وأذى ‏الجيران الذي لا ينتهي؛ مما يتسبب ‏لي بضغط نفسي من هول ما أرى ‏وأسمع.
فكرت في الرحيل، ومغادرة ‏المنطقة إلى منطقة أنظف، وأرقى عن ‏طريق نظام المرابحة عبر البنوك ‏الإسلامية، لشراء شقة، ولا أعلم ما ‏الذي يترجح لدي، هل هو احتمال الأذى، ‏والفساد في منطقتي، أو حصول دين ‏علي للبنك، قد يستمر لعشرين سنة، ‏بسبب المرابحة والدنيا فيها حياة، ‏وموت، وأنا أكره أن أكون مدينا كل هذه ‏السنوات الطوال؛ لما علمت من النهي ‏الشرعي عن الدين.‏
‏ فما رأيكم دام فضلكم؟ ‏

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فلا شك أن ركوب الدين لا سيما لمدة طويلة، فيه خطر على الدائن، فالبعد عنه أولى، وإن كانت الاستدانة مباحة في الأصل.

جاء في الموسوعة الفقهية عن حكم الاستدانة: الأْصْل فِي الاِسْتِدَانَةِ الإْبَاحَةُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} وَلأِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْتَدِينُ، وَقَدْ تَعْتَرِيهَا أَحْكَامٌ أُخْرَى بِحَسَبِ السَّبَبِ الْبَاعِثِ ... اهــ.
وفيها أيضا: أمَّا الاِسْتِدَانَةُ لِسَدِّ حَاجَةٍ مِنَ الْحَاجِيَّاتِ، فَهُوَ جَائِزٌ إِنْ كَانَ يَرْجُو وَفَاءً، وَإِنْ كَانَ الأْوْلَى لَهُ أَنْ يَصْبِرَ. لِمَا فِي الاِسْتِدَانَةِ مِنَ الْمِنَّةِ.

قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ. لاَ بَأْسَ أَنْ يَسْتَدِينَ الرَّجُل إِذَا كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ لاَ بُدَّ مِنْهَا، وَهُوَ يُرِيدُ قَضَاءَهَا. وَكَلِمَةُ " لاَ بَأْسَ " إِذَا أَطْلَقَهَا فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَعْنُونَ بِهَا: مَا كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يَرْجُو وَفَاءً، فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الاِسْتِدَانَةُ، وَالصَّبْرُ وَاجِبٌ؛ لِمَا فِي الاِسْتِدَانَةِ مِنْ تَعْرِيضِ مَال الْغَيْرِ إِلَى الإْتْلاَفِ. اهــ.
والذي يمكننا قوله لك هو: أن الصبر على ما أنت فيه، أفضل من الاستدانة. ومع هذا لا نحجر أمرا واسعا. فإن كان البنك يجري المرابحة بشروطها الشرعية، وكنت قادرا على الوفاء، فلا حرج عليك في شراء بيت عن طريقه، وإن كان لا يجريها بشروطها الشرعية، لم يجز شراء البيت عن طريقهم. وانظر الفتوى رقم: 255652، والفتوى رقم: 166517 في الشروط الواجب توافرها في المرابحة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني