السؤال
هل من المعقول أن كل النصارى سيدخلون النار، مع أنهم مليارات البشر؟ أظن أن أعدادهم ضخمة جدا وهائلة تتجاوز 2200 مليون نصراني ونصرانية، وما الحكمة من أن جهنم يدخلها كل هذه الأعداد الهائلة والضخمة من البشر مثل النصارى واليهود والوثنيين مثل المجوس والبوذيين والهندوس وغيرهم؟...
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا الجواب عن هذا الإشكال في فتاوى سابقة، فراجع منها الفتاوى التالية أرقامها: 38434، 29369، 98563.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على بقية كلام ابن القيم في شفاء العليل ص: 265، عند قوله: فإن قيل: فما الحكمة في كون الكفار أكثر من المؤمنين، وأهل النار أضعاف أضعاف أهل الجنة؟... اهـ.
وقد تعرض الدكتور عمر الأشقر في كتابه: الجنة والنار ـ لموضوع كثرة أهل النار، وأورد الأدلة القاطعة على ذلك، ثم تعرض لمسألة: السر في كثرة أهل النار، فقال: ليس السبب في كثرة أهل النار هو عدم بلوغ الحق إلى البشر على اختلاف أزمانهم وأمكنتهم، فإن الله لا يؤاخذ العباد إذا لم تبلغهم دعوته: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا.. ولكن السبب وراء ذلك يعود إلى قلة الذين استجابوا للرسل وكثرة الذين كفروا بهم، وكثير من الذين استجابوا لم يكن إيمانهم خالصاً نقياً.
وقد تعرض ابن رجب في كتابه: التخويف من النارـ إلى السبب في قلة أهل الجنة وكثرة أهل النار فقال: فهذه الأحاديث وما في معناها تدل على أن أكثر بني آدم من أهل النار، وتدل أيضاً على أن أتباع الرسل قليل بالنسبة إلى غيرهم، وغير أتباع الرسل كلهم في النار إلا من لم تبلغه الدعوة أو لم يتمكن من فهمها على ما جاء فيه من الاختلاف، والمنتسبون إلى أتباع الرسل كثير منهم من تمسك بدين منسوخ، وكتاب مبدل، وهم أيضاً من أهل النار، كما قال تعالى: ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ـ وأما المنتسبون إلى الكتاب المحكم والشريعة المؤيدة والدين الحق فكثير منهم من أهل النار أيضاً، وهم المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار، وأما المنتسبون إليه ظاهراً وباطناً فكثير منهم فتن بالشبهات، وهم أهل البدع والضلال، وقد وردت الأحاديث على أن هذه الأمة ستفترق على بضع وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة، وكثير منها أيضاً فتن بالشهوات المحرمة المتوعد عليها بالنار ـ وإن لم يقتض ذلك الخلود فيها ـ فلم ينج من الوعيد بالنار، ولم يستحق الوعد المطلق بالجنة من هذه الأمة إلا فرقة واحدة، وهو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ظاهراً وباطناً، وسلم من فتنة الشهوات والشبهات، وهؤلاء قليل جداً لا سيما في الأزمان المتأخرة. اهـ.
والله أعلم.