السؤال
إذا كانت امرأة متزوجة بزوج ظالم قاهر لها على زواجها منه، وأهلها لا يستطيعون الرفض. ثم طلقها ثلاثا لعصبيته، وهو لم يرد ذلك، وأراد أن يردها. فأخبر صديقا له أن يتزوجها، ثم يطلقها. أي زواج تحليل (أعلم أنه حرام). ولكن صديقه علم بظلم الرجل وقهره لها، فأراد أن يتزوجها ليخلصها منه. فاتفق معه على زواج التحليل، ثم بعد ذلك لم يطلقها. أعلم أن هذا الزواج صحيح.
سؤالي هو: ما حكم وعد الرجل الذي لم يف به؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تواعد هذا الرجل مع الزوج الأول على هذا النوع من النكاح، أمر لا يجوز، ويحرم عليه أن يفي له بما وعده؛ لأن نكاح التحليل محرم، فالإعانة عليه إعانة على المعصية، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وهذه الصورة المذكورة بالسؤال إن كان المقصود بها أنه اتفق معه على التحليل، ونوى عند العقد نكاحها نكاح رغبة، فهو نكاح صحيح.
قال ابن قدامة في المغني: فإن شرط عليه أن يحلها قبل العقد، فنوى بالعقد غير ما شرطوا عليه، وقصد نكاح رغبة، صح العقد؛ لأنه خلا عن نية التحليل وشرطه، فصح، كما لو لم يذكر ذلك. وعلى هذا يحمل حديث ذي الرقعتين. اهـ.
وإن اتفق معه على التحليل، ولم ينو نكاحها نكاح رغبة، ولكن لم يذكر عند العقد كونه نكاح تحليل، فالنكاح باطل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإذا تزوجها رجل بنية أن يطلقها لتحل لزوجها الأول كان هذا النكاح حراماً باطلاً، سواء عزم بعد ذلك على إمساكها أو فارقها. وسواء شُرط عليه ذلك في عقد النكاح، أو شرط عليه قبل العقد، أو لم يشرط عليه لفظاً، بل كان ما بينهما من الخطبة وحال الرجل والمرأة والمهر نازلاً بينهم منزلة اللفظ بالشروط، أو لم يكن شيء من ذلك، بل أراد الرجل أن يتزوجها ثم يطلقها لتحل للمطلق ثلاثاً من غير أن تعلم المرأة ولا وليها شيئاً من ذلك، سواء علم الزوج المطلق ثلاثاً أو لم يعلم مثل أن يظن المحلل أن هذا فعل خير ومعروف مع المطلق وامرأته بإعادتها إليه، لما أن الطلاق أضر بها وبأولادها وعشيرتها ونحو ذلك. اهـ.
وننبه إلى أن الأولى في مثل هذه المسائل محل التنازع مراجعة المحكمة الشرعية؛ فحكم القاضي ملزم، ورافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.
والله أعلم.