الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من سرق مالا وعجز عن رده إلى صاحبه

السؤال

قبل مدة كنت أسرق من أبي المال؛ لأنه بخيل، يعني كنت أشتري بذلك المال مثلجات، أو بعض الحلويات وهكذا.
أما بالنسبة للملابس وباقي الأشياء، فكان أبي يشتريها لي. يعني كان ينفق عليّ النفقة التي يجب عليه، لا أكثر ولا أقل.
وتقريبا سرقت حوالي خمسة آلاف درهم، ولكني قرأت في بعض الفتاوى أنه يجب عليّ أن أرد ذلك المبلغ الذي سرقته من والدي. وخصوصاً أن أبي ليس راضيا بسرقتي له، وإن علم بذلك فسيغضب مني كثيرا.
وبعد تفكير طويل قررت أن أرد المال له، ولكن ليس لديّ ذلك المبلغ، وليس لديّ عمل. فبدأت أدعو الله أن يرزقني وظيفة ما؛ لكي أعمل وأحصل على ذلك المبلغ، وأرده له، ولكني أخشى أن لا أستطيع رد المال، ويبقى في رقبتي إلى يوم الدين.
ماذا يمكنني أن أفعل في هذه الحالة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فان السرقة أمر محرم، وهي من كبائر الذنوب، لكن إذا كانت هذه السرقة وقعت منك قبل البلوغ؛ فلا إثم عليك، غير أنه يجب عليك ردّ ما سرقتِه من أبيك، أو استسماحه فيما أخذت من ماله من غير إذنه.

قال ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في منهاج السنة النبوية: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ»، إنما يقتضي رفع المأثم، لا رفع الضمان باتفاق المسلمين، فلو أتلفوا نفسًا أو مالًا؛ ضمنوه. وأما رفع العقوبة إذا سرق أحدهما، أو زنى، أو قطع الطريق، فهذا علم بدليل منفصل بمجرد هذا الحديث. اهـ.

وللمزيد، انظري الفتوى: 8610.

وإذا كنت لا تقدرين على رده في الوقت الحاضر، فإنه يبقى دينا في ذمتك حتى تؤديه إليه عندما يتيسر لك، فإن الشرع أنظر المعسر إلى ميسرته، كما قال الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ {البقرة:280}.

وفي مجلة الأحكام العدلية: أتلف صبي مال غيره: يلزم الضمان من ماله، وإن لم يكن له مال، ينتظر إلى حال يسر، ولا يضمنه وليّه. اهـ.

والأفضل في حال عجزك أن تستسمحيه، وتكثري من بره والإحسان إليه، حتى يرضى عنك ويسامحك، ولولم لم يفعل فردي إليه المال متى ما وجدتيه، ويمكنك رده إلى ماله ولو دون علمه. وفق ما بينا في الفتوى: 21859.

هذا، وننبه إلى أنه لا يجوز وصفك للوالد بما لا يليق كالبخل ونحوه. كما لا تجوز السرقة من ماله ما دام يؤدي النفقة الواجبة عليه.

وإنما جوز الشرع الأخذ من ماله بقدر الكفاية إن حصل منه تقصير فيما يجب عليه من النفقة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لهند: خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني