الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم شراء البنك سلعة من شخص بثمن عاجل وبيعها لزبون يستلمها مباشرة من الشخص بثمن آجل

السؤال

عندي صديق يقوم ببعض المعاملات مع البنوك الإسلامية، ومن بين هذه المعاملات معاملة اشتبهت علي وأتمنى من فضيلتكم إفتاءنا في حكمها، وهي كالتالي: أن يقوم البنك الذي يريد إقراض الزبون بطلب -مقابل ثمن القرض من بطاقات الشحن- من صديقي، ثم يحول له ثمن تلك البطاقات، ثم بعد ذلك يرسل الزبون لصديقي لكي يعطيه بطاقات الشحن، والتي سيبيعها الزبون في السوق، فهل يجوز لصديقي أن يشتري من هذا الزبون تلك البطاقات بعد أن أعطاها له، أو أن يشتريها قبل أن يقبضها الزبون؟
أفتوني جزلكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي فهمناه من السؤال أن المعاملة الأولى تتم بين أطراف ثلاثة: البنك، والزبون، وصديق السائل، فالبنك يشتري بطاقات الشحن من صديق السائل بثمن عاجل، ويبيعها للزبون بثمن آجل، ومع ذلك فالزبون يستلمها مباشرة من صديق السائل، وهذا معناه أن البنك الذي اشترى هذه البطاقات باعها قبل أن يستلهما ويقبضها، وربح منها دون أن تدخل في ضمانه! فإن كان هذا هو الواقع، فلا تصح هذه المعاملة؛ لكون البنك باع ما لم يقبض، وربح ما لم يضمن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك. رواه أحمد، وأصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وتصير حقيقة المعاملة عندئذ أن البنك أقرض الزبون عاجلا بدفع الثمن نيابة عنه، واستحق عليه مبلغا أكبر آجلا، وهذا في معنى الربا.

وأما المعاملة الثانية - وهي محل سؤال السائل، وهي بين صديقه وبين الزبون – فهي شراء صديقه لهذه البطاقات مرة أخرى من الزبون، ولا يكون ذلك في الواقع إلا مع فارق في السعر، فيكون سعر شرائها أقل من سعر بيعها الأول، فصديق السائل يستلم من البنك مبلغا في ثمن بيعه للبطاقات، ويريد أن يشتريها بعينها مرة أخرى من الزبون بسعر أقل، وهذا لا يصح؛ لأن القاعدة أن: السلعة الخارجة من اليد، العائدة إليها، ملغاة ـ وتؤول المعاملة حينئذ إلى بيع مال بمال من جنسه بأقل منه! ويكون ذلك أشد وأظهر إذا وقع قبل استلام الزبون للسلعة وباعها قبل قبضها، وراجع الفتوى: 207400.

ولكي تصح المعاملة الأولى يجب أن تتوفر فيها الضوابط المعتبرة في بيع المرابحة للآمر بالشراء، والتي سبق أن ذكرناها في الفتوى: 110113.

وعندئذ تصح الثانية إذا لم يوجد تواطؤ بين الأطراف الثلاثة على تنظيم هذه العملية، وراجع في ذلك الفتاوى: 333085، 459994، 166475.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني