الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أضواء على الحديث القدسي

السؤال

إذا كان لفظ الحديث القدسي من الله، فكيف لا يكون معجزا؟ فكلام الله عز وجل لا يماثله كلام مخلوق، قال الله: ليس كمثله شيء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم في لفظ الحديث القدسي ومعناه، هل كلاهما من الله تعالى؟ أم إن لفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه من عند الله تعالى؟ وأكثر أهل العلم على أنَّ الحديث القدسي معناه من عند الله عز وجل، ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فلا يكون لفظ الحديث القدسي معجزًا.

قال الطِّيبي في شرح مشكاة المصابيح: فضل القرآن على الحديث القدسي هو أن القدسي نص إلهي في الدرجة الثانية، وإن كان من غير واسطة مَلَك غالبًا؛ لأن المنظور فيه المعنى دون اللفظ، وفي التنزيل اللفظ والمعنى منظوران، فعُلم من هذا مرتبة بقية الأحاديث. انتهى.

وقال أيضًا: الفرق بينه الحديث القدسي وبين القرآن: أنَّ القرآن هو اللفظ المنزل به جبريل -عليه السلام- للإعجاز عن الإتيان بسورة من مثله، والحديث القدسي إخبار الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم معناه بإلهام، أو بالمنام، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن ذلك المعنى بعبارة نفسه، وسائر الأحاديث لم يضفه إلى الله تعالى، ولم يروه عنه. انتهى.

وقال الشيخ محمد عبد الله دراز في كتابه النبأ العظيم: وكذلك الحديث القدسي إن قلنا: إنه منزل بمعناه فقط، وهذا هو أظهر القولين فيه عندنا؛ لأنه لو كان منزلًا بلفظه لكان له من الحرمة والقدسية في نظر الشرع ما للنظم القرآني، إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منزلين من عند الله، فكان من لوازم ذلك وجوب المحافظة على نصوصه، وعدم جواز روايته بالمعنى إجماعًا، وحُرمة مس المحدث لصحيفته، ولا قائل بذلك كله، وأيضًا: فإن القرآن لما كان مقصودًا منه - مع العمل بمضمونه - شيء آخر، وهو التحدي بأسلوبه، والتعبد بتلاوته؛ احتيج لإنزال لفظه، والحديث القدسي لم ينزل للتحدي ولا للتعبد، بل لمجرد العمل بما فيه، وهذه الفائدة تحصل بإنزال معناه، فالقول بإنزال لفظه قول بشيء لا داعي في النظر إليه، ولا دليل في الشرع عليه، اللهم إلا ما قد يلوح من إسناد الحديث القدسي إلى الله بصيغة: يقول الله تبارك وتعالى كذا، لكن القرائن التي ذكرناها آنفًا كافية في إفساح المجال لتأويله بأن المقصود نسبة مضمونه، لا نسبة ألفاظه، وهذا تأويل شائع في العربية، فإنك تقول حينما تنثر بيتًا من الشعر: يقول الشاعر كذا، وعلى هذه القاعدة حكى الله تعالى عن موسى، وفرعون، وغيرهما، مضمون كلامهم بألفاظ، وأسلوب غير أسلوبهم، ونسب ذلك إليهم. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني