الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا وجه لمنع المرأة من الخروج، لأنها قد فعلت ذنبا قبل التكليف

السؤال

هل يحرم خروج المرأة إذا اشتهرت بذنب، ولكنها غير محاسبة عليه؟ وقد طهرها الله من ذنب لم تفعله، فهي بين يدي الله لم تذنب، والناس يعلمون أن أهلها أصحاب دين، ولهم مكانة قد تمحو هذا الأمر السيئ، ولكن لا زال الناس يتحدثون به، وهو أنها شاهدت فيلما إباحيا وهي طفلة؟ وهل يحرم خروجها -لأنها فتنة- إلى المسجد، أو لقضاء حاجة، أو أي فعل خارج منزلها؟ لأنها تعرضت لمن يحرم خروجها، وارتداءها للألوان -كالبني والكحلي- وهي منتقبة؟
وهي تعقد حلقات للذكر دائما، واشتهرت بهذا أيضا أكثر من الأمر السيئ السابق -وهو الفيلم الإباحي- وقد تعرضت لمن يحرم خروجها بقول إنها ذات شهرة بفعل قبيح تعرض الرجال للفتنة، ولا يجوز لها أن تخرج لأي شيء، وعدم ارتدائها للألوان....
فهل كل هذا حرام في حق المسجد، أو الخروج، أو تعلم علوم دنيوية، أو دينية؟
وهل من الممكن أن أعرف الحدود الواجبة على هذه المرأة حتى لا تتعدى حدود الله.... رغم أنها فعلا معروفة بأمر جيد دينيا، حيث تدعو غيرها للإسلام من المسيحيين وغيرهم إلى دينها، وتدعو غيرها لارتداء النقاب، وتنشر دينها في خروجها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المقرر شرعا أن المرأة يجوز لها الخروج من البيت لمصالحها الدينية، والدنيوية إذا انضبطت بالضوابط الشرعية من الستر، والحجاب، ونحو ذلك.

وهي وإن كان الأصل بقاؤها في بيتها، إلا أنها قد يكون خروجها أحيانا أفضل من بقائها في البيت. كما هو الحال فيما إذا احتاجت للخروج لصلة رحمها، والدعوة إلى الله مثلا.

وتجدين بيان ذلك بالتفصيل في الفتوى: 136541.

ولو أن المرأة مقيمة على معصية لا علاقة لها بالحال التي خرجت عليها، ولا بالأمر الذي خرجت من أجله، فليس ذلك بمانع شرعا من خروجها، فكيف إذا كان الأمر متعلقا بمنكر قامت به قبل بلوغها سن التكليف، ولا إثم عليها فيه؟ فكيف يحرم عليها الخروج من أجل هذا؟!!!

والقول بتحريم الخروج في هذه الحالة من افتراء الكذب على الله، والقول بغير علم، قال تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ {النحل: 116}.

وعلى وجه العموم إذا كانت مَنْ سبق وَأَن عصت تُمنع من الخروج من البيت، فمن ذي التي تسلم من ذلك، والله -عز وجل- قد خلق ابن آدم خطاء، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم. رواه مسلم.

وقد أحسن من قال:

من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط.

والحجاب الشرعي لا يشترط له لون معين، ولكن له مواصفات وضوابط، فإذا توفرت فيه كان حجابا شرعيا، وسبق بيان هذه المواصفات، والضوابط في الفتوى: 6745.

ونختم بالقول إنه على هذه المرأة أن تنطلق في حياتها، ومن أجل مصالحها، ولا تلتفت إلى هذا الكلام الذي يقال لها، وعنها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني