الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط جواز إعطاء الأم من الزكاة

السؤال

أمي أخذت من مال أخيها دون علمه، مع نيتها إرجاع المبلغ -يعني أنها أخذته كدين- ولا تستطيع أن تسدد الدين، فطلبت مني بعد أن وجدت عملا أن أسدده، علما أن المبلغ كبير، وأمي لا تشتغل، وليس لها منزل، ولا دخل لها، وهي مطلقة، وكل ما تملك هو حلي لزينتها، فهل يجوز أن أعطيها من زكاة المال، لكي تسدد الدين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه لا حرج في إعطاء الأم الغارمة من زكاة مالك لقضاء دينها، والغارم هو المدين الذي لا يجدُ وفاء لدينه، جاء في الكافي لابن عبد البر المالكي: وأما الغارمون فهم الذين عليهم من الدين مثل ما بأيديهم من المال، أو أكثر، وهم ممن قد أدان في واجب، أو مباح، فإن كان كذلك، جاز أن يعطوا من الصدقة ما يقضون به ديونهم، أو بعضها، فإن لم يكن لهم أموال، فهم فقراء غارمون يستحقون الأخذ بالوصفين جميعا. انتهى.

وفي المغني لابن قدامة الحنبلي: وهم المدينون العاجزون عن وفاء ديونهم، هذا الصنف السادس من أصناف الزكاة، ولا خلاف في استحقاقهم، وثبوت سهمهم، وأن المدينين العاجزين عن وفاء ديونهم منهم. انتهى.

فإذا ثبت عجزها عن قضاء جاز أن يصرف لها من زكاة ابنها ما تقضي به دينها، قال النووي في شرح المهذب: قال أصحابنا: ويجوز أن يدفع إلى ولده، ووالده من سهم العاملين، والمكاتبين، والغارمين، والغزاة، إذا كانا بهذه الصفة. انتهى.

وقال شيخ الإسلام كما في الاختيارات -4/457: ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا، وإلى الولد وإن سفل، إذا كانوا فقراء، وهو عاجز عن نفقتهم، لوجود المقتضي السالم عن المعارض العادم، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، وكذا إن كانوا غارمين، أو مكاتبين، أو أبناء السبيل، وهو أحد القولين أيضاً. اهـ.

ولا يمنع من دفع الزكاة لها وجود حلي لها تحتاجه، جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي الشافعي-2/ 37: أنه سئل عما لو كانت امرأة مدينة، فهل تعطى لأجل دينها من الزكاة، مع أنها تملك من المصاغ ما يوفيه، لكن تحتاجه للتجمل به، ليرغب فيها لأجله، أو لا، ويلزمها بيعه؟ فأجاب - رضي الله عنه - بأن الذي يصرح به كلام الرافعي المنقول عن بعض شروح المفتاح وغيره الذي قدمته قريبا أنها تعطى دينها من الزكاة، ولا يلزمها بيع حليها المحتاجة إليه لتتجمل به، أو لتؤجره لمن يتجمل به، وتتقوت بأجرته. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني