الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

امتناع الوالد من الإنفاق على تعليم أولاده.. رؤية شرعية

السؤال

هل تجوز مقاطعة أبي، و عدم التكلم معه، لأنه يمنعنا من مصاريف المدرسة، رغم توفر المال لديه، ولدي هذه السنة امتحان التوجيهي، وهو يحتاج مصاريف كبيرة؟ وإذا كان لا يجوز، فأرشدني من فضلك بما يجب فعله؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا تجوز لك مقاطعة أبيك لأي سبب، فهذا من العقوق له، وهو من أكبر الكبائر، وحقّ الوالد على ولده عظيم، ولا يسقط حقّه بظلمه ولده، أو إساءته إليه، وراجعي الفتوى: 177861.

والواجب على الأب أن ينفق على أولاده المحتاجين بالمعروف، وراجعي الفتوى: 222022

ويدخل في النفقة الواجبة على الأب نفقة التعليم الأساسي، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، والأولاد، والأعراف.

جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: ويسلمه وجوبا لمكتب... وهو اسم لمحل التعليم..... وحرفة، يتعلم من الأول الكتابة، ومن الثاني الحرفة، على ما يليق بحال الولد، وظاهر كلام الماوردي أنه ليس لأب شريف تعليم ولده صنعة تزريه؛ لأن عليه رعاية حظه، ولا يكله إلى أمه، لعجز النساء عن مثل ذلك، وأجرة ذلك في مال الولد إن وجد، وإلا فعلى من عليه نفقته. انتهى مختصرا.

وليس في مقدورنا الحكم بوجوب نفقة الوالد على تعليم ولده في مرحلة معينة -كحال السائلة- وحدود هذه النفقة؛ لاختلاف هذا الأمر باختلاف الأحوال -كما ذكرنا- وعموما؛ فإن كان الأب موسرا ويمتنع عن الإنفاق الواجب على ولده؛ فللولد مطالبته بحقّه برفق، وأدب، وتوسيط بعض الأقارب، أو غيرهم ممن لهم وجاهة عنده ليكلموه في ذلك؛ فإن أصرّ على عدم الإنفاق؛ فمن حقّ الولد أن يأخذ من مال أبيه دون علمه قدر نفقته بالمعروف، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَلِمُسْتَحِقِّهَا -أَيْ: النَّفَقَةِ- الْأَخْذُ مِنْ مَالِ مُنْفِقٍ بِلَا إذْنِهِ، مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهَا، كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ؛ لِحَدِيثِ هِنْدَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ - وَقِيسَ عَلَيْهِ سَائِرُ مَنْ تَجِبُ لَهُ. انتهى.

وسواء كان أبوك قائما بنفقتك الواجبة، أو مقصرا فيها؛ فعليك برّه، والإحسان إليه، والحذر من الإساءة إليه، أو التقصير في حقه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني