الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في زكاة من اشترى محلا تجاريا بالتقسيط ولم يستلمه

السؤال

اشتريت محلا تجاريا بالتقسيط، دفعت جزءا من المبلغ، ولم أستلم المحل بعد.
هل عليّ زكاة فيه أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسؤال يحتاج إلى توضيح أكثر؛ لكثرة الاحتمالات الواردة عليه، والتفريعات المبنية عليها.

وعلى كل فإنا نقول للسائل: إن كنت اشتريت المحل التجاري للعمل فيه بأن تضع فيه البضائع، والسلع؛ لتبيعها، فتجب الزكاة في قيمة البضاعة المعروضة للبيع فيه عند حولان الحول على أصل المال الذي اشتريت به، أما المحل نفسه، فلا زكاة عليه، وكذلك لو أجرته لمن يعمل فيه، فلا زكاة في عينه أيضا.

أما إن كنت اشتريته؛ لتبيعه، لا لتعمل فيه، ولا لاقتنائه، فإن الزكاة واجبة في قيمة المحل، فتقيّمه كل عام عند حولان الحول على المال الذي اشتريته به، وتخرج من قيمته ربع العشر. وانظر التفصيل في كيفية زكاة المحل التجاري في الفتوى: 393247 ، وقريبا منها الفتوى: 76494 .

وأما كونك لم تستلم المحل بعد، فلم تبين لنا -أخي السائل- سبب عدم استلامك، هل لمماطلة البائع، أو غيابه، أو جحده، أو المحل غير موجود أصلا، واشتريته بعقد استصناع، وكل هذه الاحتمالات لها أثر في الجواب، والذي يمكننا قوله -باختصار- أنك لو كنت قادرا على استلامه، ولم تستلمه، فإن زكاته واجبة عليك حين يحول الحول قبل أن تقبضه، فتخرج الزكاة عند الحول، ولا تؤخرها إلى قبض المحل.

قال النووي في المجموع: لَوْ اشْتَرَى مَالًا زَكَوِيًّا، فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ في يد البائع، فالمذهب وُجُوبُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛ لِتَمَامِ الْمِلْكِ، وَقِيلَ لَا تَجِبُ قَطْعًا؛ لِضَعْفِهِ، وَتَعَرُّضِهِ لِلِانْفِسَاخِ، وَمَنْعِ تَصَرُّفِهِ، وَقِيلَ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْمَغْصُوبِ. اهــ.

وجاء في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي الشافعي: وَتَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمُشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ، إذَا مَضَى حَوْلٌ مِنْ حِينِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ؛ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِهِ بِدَفْعِ الثَّمَنِ، وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ حَالًا حَيْثُ لَا مَانِعَ مِن الْقَبْضِ. اهــ.

وفي مغني المحتاج لمؤلفه الخطيب الشربيني الشافعي: فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ فِي الْحَالِّ، حَيْثُ لَا مَانِعَ مِن الْقَبْضِ، كَالدَّيْنِ الْحَالِّ عَلَى مُقِرٍّ مَلِيءٍ. اهــ.

ومتى وجبت الزكاة في البضائع، أو في المحل نفسه، فإنك تزكي كل القيمة، ولا تخصم الأقساط التي عليك منها؛ إلا إذا لم تكن عندك أموال أخرى زائدة عن حاجتك يمكنك جعلها في مقابلة الدين، فلك حينئذ أن تخصم قيمة الأقساط التي عليك من قيمة المحل، أو البضاعة، وتزكي الباقي إن لم يقل عن النصاب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني