الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من أخذ شيئا تاريخ صلاحيته سليم، ويريد رده وقد انتهت صلاحيته

السؤال

أعمل في مكان أخذت منه أشياء بتاريخ صلاحية سليم، ولم أستعملها، والآن تاريخ صلاحيتها قد انتهى، وأريد أن أرجع كل شيء أخذته من دون حق، فهل أرجعها كما هي؟ أم أعوض المكان بشيء جديد، مع العلم أن المكان سيغلق، والأشياء الجديدة ستتلف؟ أم أتقدم إلى المكان بجزء من راتبي كتعويض؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأصل عدم جواز أخذ أدوات العمل خارج مكان العمل دون إذن، ممن يصح إذنهم من المسؤولين، وقد ورد الوعيد لمن أخذ مالا بغير حق، فقد روى البخاري، ومسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإن هذا المال حلوة... من أخذه بحقه، فنعم المعونة، ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع. وفي رواية لهما: ويكون عليه شهيدا يوم القيامة. ورويا عن أبي حميد مرفوعا: والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله تعالى يوم القيامة يحمله. اهـ.

وعلى من أخذ شيئا من دون إذن أن يرده بعينه، ويتوب إلى الله تعالى، لما في حديث المسند: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. اهـ.

وأما عن مسألة انتهاء تاريخ الصلاحية: فإن كان يحصل به نقص، فيجب تعويض النقص، وإن لم يعد الشيء نافعا، فيجب دفع مثله إن وجد، أو قيمته، على خلاف بين أهل العلم.

فقد جاء في القوانين الفقهية لابن جزي -ص: 216: حق المغصوب منه أن يرد إليه ما غصبه، فإن كان المغصوب قائما رده بعينه إليه، وإن كان قد فات رد إليه مثله، أو قيمته، فيرد المثل فيما له مثل... ويرد القيمة فيما لا مثل له كالعروض، والحيوان، والعقار، وتعتبر القيمة في ذلك يوم الغصب، لا يوم الرد، وقال الشافعي، وأبو حنيفة: إنما يرد المثل، ولا يرد القيمة، والفوات الذي يرد إلى المثل، أو القيمة، هو هلاك المغصوب، أو نقصانه، أو حدوث عيب مفسد فيه... وقال أبو حنيفة: لا يضمن الغاصب عقارا إن تلف بسيل، أو حريق، أو شبه ذلك، خلافا للإمامين. اهـ.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أن من أخذ مال الغير بطريق غير شرعي كالغصب، فإنه يجب عليه رده إلى صاحبه فورا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤدي ـ ولأن المظالم يجب التخلص منها فورا؛ لأن بقاءها بيده ظلم آخر، وكذا السارق يجب عليه رد العين المسروقة إن كانت قائمة اتفاقا، فإن هلكت، أو استهلكت وجب عليه رد مثلها إن كانت مثلية، وإلا فقيمتها... اهـ.

وجاء فيها أيضا: ورد العين هو الواجب الأصلي على ما ذهب إليه الحنابلة، والمالكية، وفي ظاهر الرواية عند الحنفية، وفي قول للشافعية، هذا إذا كانت العين قائمة بعينها دون حدوث تغيير فيها، لكنها قد تتغير بزيادة، أو نقص، أو تغيير صورة... فإذا كان التغيير بالنقص، كما إذا نقص العقار بسكناه، وزراعته، وكتخرق الثوب، فإنه يرد مع أرش النقصان، وسواء أكان النقصان بآفة سماوية، أم بفعل الغاصب، والمشترى شراء فاسدا، وهذا باتفاق في الغصب... وعلى الجملة فإنه عند الحنابلة والشافعية: لا ينقطع حق المالك في استرداد العين إلا بالهلاك الكلي، وعند الحنفية: لا ينقطع حق الاسترداد في المستحق إلا إذا تغيرت صورته، وتبدل اسمه، والأمر كذلك عند المالكية في الغصب... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني