الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في مجال تكثر فيه السرقة والاعتداء على حقوق الآخرين

السؤال

أعمل في بيع مفاتيح تفعيل منتجات برامج إلكترونية، سألت التاجر عن مصدر هذه المفاتيح وهل تأتي بطريقة أخلاقية أم لا؟ لأنه غير مسلم، ولن يفهم معنى حلال. وأكد لي أنها بطريقة سليمة، وأن حسابات المطورين لها مفاتيح مجانية، وأرسل لي صورة تثبت أن المفاتيح من حسابه الشخصي.
وأثناء حديثي مع تاجر آخر بخصوص أحد المفاتيح من نوع آخر فهمت أنه يتم الحصول عليه بطريقة غير شرعية! وسألته عن مصدر باقي أنواع المفاتيح؟ قال إن التي تصدر من حسابات المطورين فهي إما من حسابات تجريبية يستخدم التجار فيزا وهمية أو مسروقة لتنشيط طلب حساب تجريبي، ثم يلغى الطلب بعد انتهاء مدة الشهر التجريبي، ومنهم من يشتري الحساب برصيد فيزا مسروقة، وهناك نوع آخر من المفاتيح تُمنَح مجاناً لبعض المدارس والجامعات في الخارج (وقد اعتبرت أن هذا النوع لا حرمة فيه) وبالتالي توقفت عن الاتجار في جميع أنواع المفاتيح ما عدا النوع الأخير.
وعند مواجهة التاجر الأول بأن المفاتيح مسروقة اعترف بهذا؛ فرفضت سداد الفاتورة.
أما التاجر الثاني فبعد أيام بسيطة من هذه المشكلة لم يستطع الإجابة عن بعض أسئلتي، واكتفى بالقول: من الأفضل أن تتوقف عن هذا العمل، وبالتالي لم أسدد له أيضا؛ لأن كلامه يحوي معنى أنها أيضاً ليست حلالاً.
لقد قررت أن أتوقف عن هذا العمل. فما حكم الفاتورة المدين بها لكليهما: هل أدفع مقابل بضائع مسروقة للصوص؟
أنا الآن أملك مخزونا كبيرا من المفاتيح القيِّمة وأستطيع بيعها بسعر زهيد ويستفيد منها الناس. هل أبيعها أم أعدمها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن علمت أن هذه المفاتيح مسروقة، فهي وعِوضُها من حق مطوريها، ولا يستحق من باعك منفعتها ثمنها؛ لأنه باع منفعة ملك غيره دون إذنه.

ولا يجوز للسائل أن يبيعها هو الآخر للعلة ذاتها، وهي التصرف في ملك الغير دون إذنه.

جاء في المادة (96) من مجلة الأحكام العدلية: لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذنه. اهـ.

وأخذ الشراح من هذه المادة: اشتراط كون البائع والمؤجر والواهب والمصالح مالكا لذلك المال، أو وكيلا عن صاحبه، أو وصيا عليه أو وليا - لنفاذ البيع، والإجارة والهبة والصلح عن المال من المسائل المتفرعة عن هذه القاعدة. اهـ. من (درر الحكام).

وإذا كان هذا المجال تكثر فيه السرقة والاعتداء على حقوق الغير؛ فَكُفَّ عنه وابحث عن مجال مباح تتكسب منه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أيها الناس؛ اتقوا الله وأجملوا في الطلب، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.

الله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني