الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوصية لغير الوارث والوقف على بعض الورثة

السؤال

أتوجه إليكم بعدة أسئلة، بخصوص مسألة إرث تخصني وعائلتي:
نحن عائلة مسلمة، تتكون: من والدي -الذي توفي قبل عدة أسابيع في فيينا، ودفن فيها-، ووالدتي، وثلاث بنات، وأنا الولد الوحيد.
فوالدتي وأختان لي يقمن في فيينا، ولي أخت مقيمة في دولة عربية، وقد انتقلت قبل عدة سنوات من فيينا إلى ألمانيا للعمل، ووالدي -رحمه الله، وغفر له- كان يملك عدة شقق في فيينا، وشقة في دولة عربية، وفي إحدى هذه الشقق في فيينا كان يقيم هو، ووالدتي، وأختي المطلقة. والشقق الأخرى كانت مؤجرة، وهو ينفق منها هو ووالدتي. ووالدي كانت عنده وصية رسمية عند أحد المحامين مضمونها كالتالي:
1- والدي له ثلاث أخوات يقمن في بلد عربي، وهن غير متزوجات، وكان هو عائلهم، ووالدي أوصى بتحويل مبلغ: 500 يورو، كل شهر لهن، من إيجار الشقق حتى وفاة آخر واحدة منهن.
2- في حياة والدي اتفق مع والدتي على أن يكون إيجار شقتين من الشقق التي يملكها لوالدتي طول حياتها، وهذا الإيجار زيادة فوق حقها من الإرث.
3- والدي أوصى بأن يكون توزيع الإرث بناء على القانون النمساوي.
ونحن -العائلة- اجتمعنا، واتفقنا على أن يتم تنفيذ وصية الوالد كاملة وفق شرع الله. فهل هناك أي تعارض بين الوصية والشرع؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجوابنا يتلخص فيما يلي:

1- وصية والدكم بمبلغ من إيجار الشقة لأخواته الثلاث، تعتبر وصية صحيحة؛ لأنها بمنفعة، ولغير وارث، وتنفذ في حدود الثلث.

قال ابن قدامة في المغني: الوَصِيّةَ لغيرِ الوارِثِ تَلْزَمُ في الثُّلُثِ، من غير إجَازَةٍ، وما زادَ على الثُّلُثِ يَقِفُ على إجَازَتِهِم- أي الورثة- فإن أجازُوه جازَ، وإن رَدُّوه بَطَلَ، في قولِ جَمِيعِ العُلَماءِ.

2- الذي فهمناه من السؤال: أنه أوصى بمبلغ: 500 يورو، من إيجار مجموع الشقق، وليس من شقة بعينها، وهذا يكون أقل من ثلث التركة -فيما يظهر-، فتكون وصية واجبة التنفيذ كلها، ولو فُرِضَ أنه أوصى بذاك المبلغ من إيجار شقة بعينها، فالمعتبر في تحديد الثلث هو قيمة الشقة التي أوصى والدكم بجزء من إيجارها، وقد فصلنا هذا بما يغني عن إعادته في الفتوى: 467212فانظرها.

3- وصيته بأن يكون إيجار الشقتين لوالدتك، هذه وقف على بعض الورثة، وقد رجحنا في الفتوى: 175555قول المالكية، والشافعية في عدم صحة الوقف على الوارث، وأنها لا تمضي إلا برضا بقية الورثة، فمن لم يرض من الورثة بإمضائها، فله الحق في أخذ نصيبه كاملا من الشقتين، ومن إيجارهما.

4- وصيته بأن يكون توزيع الإرث بناء على القانون النمساوي، هذا ينظر فيه، فإن كان القانون النمساوي مخالفا للقسمة الشرعية للميراث؛ فلا يجوز تنفيذ وصيته المخالفة للشرع، إذ لا شك أن وصية الله تعالى أحق بالتنفيذ من وصية والدكم؛ فالله تعالى هو الذي له الحكم والتشريع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني