الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صنع الطعام الذي يقدم في نهار رمضان لغير الصائمين

السؤال

صنع الطعام في نهار رمضان لغير الصائمين حرام، كما أجبتم من قبل، والعمل أثناء صلاة الجمعة أيضاً أجبتم بحرمته، وأنا أعمل في صنع الطعام، وأخرج لصلاة الجمعة قبل الأذان بقليل، ويبقى الباقي من العمال على صنع وتقديم الطعام أثناء الصلاة.
وسؤالي هو: بعض الأصناف التي تُقدم أثناء الصلاة أنا من قام بتحضيرها قبل ذهابي للصلاة، فهل عليَّ إثم؟
الرجاء توضيح بسيط للفروق بين الأمثلة التي في الأعلى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالأصل الجامع بين هذه المسائل هو منع الإعانة على المعصية، لقوله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:3}.

فمن هذا الباب مَنْع من مَنَع من أهل العلم صنع الطعام وبيعه لمن يأكله في نهار رمضان، ولو كان كافرا.

قال شمس الدين الرملي في نهاية المحتاج: دليل ذلك لعنه -صلى الله عليه وسلم- في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها.. الحديث الدال على حرمة كل تسبب في معصية، ‌وإعانة عليها... ومثل ذلك كل تصرف يفضي إلى معصية... ومثل ذلك ‌إطعام مسلم مكلف كافرا مكلفا في ‌نهار ‌رمضان، وكذا بيعه طعاما علم، أو ظن أنه يأكله نهارا، كما أفتى به الوالد -رحمه الله تعالى- لأن كلا من ذلك تسبب في المعصية ‌وإعانة عليها، بناء على تكليف الكفار بفروع الشريعة، وهو الراجح. اهـ.

ومن هذا الباب أيضا منع من لا تجب عليه الجمعة من البيع لمن تجب عليه وقت النداء.

جاء في الموسوعة الفقهية: أما لو وجبت على أحدهما دون الآخر: فمذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية، أنهما يأثمان جميعا؛ لأن الأول الذي وجبت عليه ارتكب النهي، والآخر الذي لم تجب عليه أعانه عليه... ونص المالكية على أن البيع وغيره يفسخ في هذه الحال، حيث كانت ممن تلزمه الجمعة، ولو مع من لا تلزمه، ونص الحنابلة على أن البيع لا يصح بالنسبة إلى من تلزمه الجمعة، ويكره البيع، والشراء للآخر الذي لا تلزمه، لما فيه من الإعانة على الإثم. اهـ.

وقال ابن قدامة في المغني: إن كان أحد المتبايعين مخاطبا، والآخر غير مخاطب، ‌حرم ‌في ‌حق ‌المخاطب، وكره في حق غيره؛ لما فيه من الإعانة على الإثم، ويحتمل أن يحرم أيضا؛ لقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. اهـ.

وهذا الأصل يتناول الصورة التي ذكرها السائل من صنع الطعام قبل أذان الجمعة، فهذا لا حرج فيه، ولكن إن علم أن هذا الطعام بعينه يباع في وقت النهي، فهذا محل نظر، واجتهاد، ويجري فيه الخلاف السابق، والذي يظهر لنا هو المنع من صنع الطعام الذي علم أنه يباع، أو يقدم بعينه وقت النهي؛ لما في ذلك من الإعانة المباشرة على الإثم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني