الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم الإمام أو تأخره خطوة أو خطوتين لمصلحة الصلاة

السؤال

إمام عندما يريد أن يركع، يعود خطوة إلى الخلف، ليبتعد عن الميكرفون، وعندما يهمُّ بالسجود، يعود خطوة أخرى إلى الخلف، ليسجد بعيدًا عن الميكرفون، وبعد قيامه واقفًا للركعة التالية، يتقدم خطوتين، ليقترب من الميكرفون. ما مدى مشروعية ذلك؟ وهل تعتبر هذه الخطوات زيادة في الصلاة.
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الخطوات التي يقوم بها ذلك الإمام في صلاته لمصلحة ظاهرة، لا حرج فيها، ولا تُبطل صلاته، فإن الفعل الكثير في الصلاة إذا كان متفرّقًا لا يبطلها، ويدل لذلك ما جاء في صحيح الإمام مسلم (باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة)، ثم أورد حديث سهل بن سعد: قال: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى امْرَأَةٍ انْظُرِي غُلَامَكِ النَّجَّارَ، يَعْمَلْ لِي أَعْوَادًا أُكَلِّمُ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلَاثَ دَرَجَاتٍ. ثُمَّ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَوُضِعَتْ هَذَا الْمَوْضِعَ، فَهِيَ ‌مِنْ ‌طَرْفَاءِ الْغَابَةِ.
وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَامَ عَلَيْهِ فَكَبَّرَ، وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّموا صلاتي
. اهـ.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: ‌‌(بَابُ جَوَازِ الْخُطْوَةِ وَالْخُطْوَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ)، وَأَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ لِحَاجَةٍ وَجَوَازِ صَلَاةِ الْإِمَامِ عَلَى مَوْضِعٍ أَرْفَعَ مِنَ الْمَأْمُومِينَ لِلْحَاجَةِ كَتَعْلِيمِهِمُ الصَّلَاةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ.

فِيهِ صَلَاتُهُ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَنُزُولُهُ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: كَانَ الْمِنْبَرُ الْكَرِيمُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ -كَمَا صَرَّحَ بِهِ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ-، فَنَزَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِخُطْوَتَيْنِ إِلَى أَصْلِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ سجد في جَنْبِهِ، فَفِيهِ فَوَائِدُ، مِنْهَا:
اسْتِحْبَابُ اتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ، وَاسْتِحْبَابُ كَوْنِ الْخَطِيبِ وَنَحْوِهِ عَلَى مُرْتَفِعٍ، كَمِنْبَرٍ أو غيره، وَجَوَازُ الْفِعْلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْخُطْوَتَيْنِ لَا تَبْطُلُ بِهِمَا الصَّلَاةُ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، إِلَّا لِحَاجَةٍ، فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ، فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، وَفِيهِ أَنَّ الْفِعْلَ الْكَثِيرَ كَالْخُطُوَاتِ وَغَيْرِهَا إِذَا تَفَرَّقَتْ لَا تُبْطِلُ، لِأَنَّ النُّزُولَ عَنِ الْمِنْبَرِ، وَالصُّعُودَ تَكَرَّرَ، وَجُمْلَتُهُ كَثِيرَةٌ، وَلَكِنَّ أَفْرَادُهُ الْمُتَفَرِّقَةُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَلِيلٌ
. اهـ.

وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 101205.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني