الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من كان في ماله حلال وحرام واختلطا لم يحرم الحلال

السؤال

لقد توفي جدي منذ 13 عاماً، وترك لأبي 5 فدادين من الأراضي الزراعية ولأننا لا نعمل بالزراعة فقد أجرناها كلها وكنا نودع قيمة الإيجار السنوي لهذه الأراضي في البنك (علماً بأن البنك يقوم على نظام الفوائد) حتى وصلت قيمة المال في البنك إلى حوالي 30.000 جنيه منذ 4 سنوات، اشترى أبي بـ 22 ألفا منها أرضاً غير زراعية (أي غير صالحة للتأجير)، بغرض السكن عليها ولكننا أعرضنا عن هذا وقررنا بيعها واستمر المال في البنك في الزيادة حتى وصل إلى 20 ألف جنيه ولكن المشكلة أنه منذ توفي جدي (الذي كان يخرج الزكاة على هذه الأموال) لم يخرج أبي قيمة النصاب الشرعي للزكاة على هذا المال (ربع العشر) والذي قمت بحسابه فوجدت أنه منذ أربع سنين كان المفروض أن يخرج 750 جنيه على، لكنه كل عام يخرج مبلغاً ضئيلاً حوالي 20 أو 25 جنيهاً وقمت بنصحه تكراراً أنا وأمي بإخراج النصاب الشرعي وعدم التعامل مع البنوك القائمة على نظام الفوائد ولكنه لم يستجب فهل ماله هذا الذي ينفق منه علي وعلى تعليمي أنا وإخوتي وأمي مال حرام (من ناحية البنك ومن ناحية أخرى الزكاة)، وهل علي وزر إذا أنفق علي وإخوتي منه، علما بأننا مازلنا طلاب علم وأن والدتنا تقبض مرتباً لا يكفي متطلبات معيشتنا، وهل هذا المال عندما يؤول إلى عمر طويل بإذن الله (أمد الله في عمر والدنا) سيكون مالاً حراما، وإذا كان هكذا فكيف أطهره، وهل يجوز الآن أن أحصل منه على قيمة النصاب الشرعي عن طريق الخدعة وأخرجه بدون علمه، وهل هذا يسقط الوزر عنا وعنه، وإذا كان هكذا ماذا أفعل عن السنين الماضية، أفيدونا أفادكم الله، وعذراً على التطويل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمال الذي ينفق عليكم منه الوالد يختلط فيه الحلال بالحرام، حيث إن أجرة إجارة الفدادين الزراعية حلال، أما ما أضيف إليها من ربا وهو هذه الفوائد البنكية فهو حرام، وهل يدخل في الحرام مقدار الزكاة الذي منع الوالد إخراجه؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم، مرده إلى الزكاة: هل تتعلق بعين المال أم بالذمة؟ وقد تقدم تفصيل ذلك في بيان الراجح في الفتوى رقم: 4641.

وإذا تقرر هذا فلكم أن تأكلوا من مال والدكم وتنتفعوا منه بأي وجه من وجوه الانتفاع وذلك باعتبار ما فيه من الحلال، وذلك لأن من كان في ماله حلال وحرام واختلط الحلال بالحرام لم يحرم الحلال، بل يجوز أن ينتفع من هذا المال بمقدار ما فيه من الحلال، قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: الحرام إذا اختلط بالحلال فهذا نوعان: ..... الثاني: ما حرم لكونه أخذ غصبا والمقبوض بعقود محرمة كالربا والميسر فهذا إذا اشتبه واختلط بغيره لم يحرم الجميع، بل يميز قدر هذا من قدر هذا فيصرف هذا إلى مستحقه وهذا إلى مستحقه...

ومال والدكم إذا آل إليكم بالميراث فهو باق على حاله من جهة اختلاط الحلال فيه بالحرام، ويجب التخلص مما فيه من الحرام قبل قسمته، ولمعرفة كيفية ذلك راجع الفتوى رقم: 9616.

ويجب أيضاً إخراج الزكاة من هذا المال قبل قسمته ولمعرفة كيفية ذلك راجع الفتوى رقم: 42049، وننبه إلى أن الزكاة إنما تجب فقط على رأس المال دون الفوائد البنكية، لأن هذه الفوائد ربا يجب التخلص منها كما سبق.

وأما الحصول على مقدار الزكاة من مال الوالد في حياته عن طريق الخدعة وإخراجه بدون علمه، فلا يجوز وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 44698.

وعليكم بمناصحة والدكم وتخويفه بعذاب الله إذا تمادى في التعامل بالربا ومنع الزكاة ولم يتب إلى الله من ذلك، واستيعنوا على ذلك بالله ثم بأهل الخير والصلاح.

وننصح بإطلاعه على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26008، 18988، 12115، 14756.

ونسأل الله أن يهديه وأن يتوب عليه إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني