الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإصرار على المعصية وطريق الإقلاع عنها

السؤال

لا يوجد أفضل من جزاكم الله خيرا - غريب أن أقرأ في موقعكم أن الإصرار على معصية ما ليس له معنى إلا الاستهزاء ،ألا توجد معاني أخرى الضعف مثلا... ماذا إذن أفعل؟ إذا لم أتمكن من التوقف عن المعصية؟ أرجوالعلم أننا بشر ولسنا ملائكة - التوبة من معصية ما لا تأتي بالضغط على أزرار ، وإنما تستغرق وقتا ، ماذا أفعل خلال هذا الوقت؟ ألا أستغفر؟ لأنه علي الاستغفار من الاستغفار -فتوى رقم 55969

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا في الفتوى المشار إليها لم نذكر أن الإصرار على معصية ما ليس له معنى إلا الاستهزاء. وإنما قلنا بالحرف الواحد: الذي يستغفر الله بلسانه وهو مقيم على معصية الله غير نادم على مافات منه ـ فإنه كالمستهزئ بربه. وهذا القول يشهد له كلام بعض السلف رحمهم الله، كما أنه لا يلزم منه قصر أسباب الإصرار على المعصية في الاستهزاء برب العالمين سبحانه، بل إن الإصرار على المعصية له أسباب منها ضعف الإيمان وقلة اليقين وغلبة الشهوة؟ والواجب على المسلم أن يتوب من فوره وأن لا يسوف التوبة؟ فإن تسويف التوبة ذنب، وانظر الفتوى رقم: 14084. وإذا تاب العبد توبة نصوحاً ثم عاد لذنبه فعليه أن لا ييأس من روح الله تعالى؟ بل يعاود التوبة مرة أخرى، فإن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، وانظر الفتوى رقم: 54604. وإن الطريق إلى الإقلاع عن المعصية نهائياً فيه صعوبة وليس مستحيلاً بل إنه يسير على من يسره الله عليه، وإنما يحتاج إلى إرادة مصممة واستحضار لعظمة الله ومراقبته وأنه سبحانه لا يغفل عنك. والله تعالى لا يكف نفساً إلا وسعها، وقد كلفنا بالتوبة، فقال سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{النور: 31}. ولقد كان الصحابة قبل الإسلام غارقون في المعاصي، وكانوا مدمني خمر، فلما نزل تحريمها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتفاً يهتف: ألا إن الخمر قد حرمت، فلا تبيعوها فمن كان عنده منه شيء فليهرقه، فأراق الصحابة من فورهم دنان الخمر حتى امتلأت بها سكك المدينة. وهكذا الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب، فإن صاحبه يسارع إلى ترك ما يبغضه محبوبه سبحانه جل وتعالى. ثم إنك إذا طلب منك الطبيب أن تدع شيئاً من الطعام تحبه ـ فإنك ستسارع إلى تركه، فلم تجعل أمر الله أهون على قلبك من أمر الطبيب، وانظر الفتوى رقم: 24611.فيجب عليك أن تبتعد عن أسباب المعصية وأن تفارق ما يذكرك بها ويشجعك عليها، وانظر الفتوى رقم: 18654. ومن أعظم أسباب الهداية الدعاء، فاسأل الله بذل وإلحاح أن يرزقك الاستقامة وأن يعفك عن الحرام، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571 ، 2395، 23599 ، 17449 ، 32655. فإن فيها شروط إجابة الدعاء وآدابه وبيان أوقات الإجابة الفاضلة. ومن المعينات على الاستقامة وترك المعاصي أيضاً صحبة الصالحين، فإن صحبتهم تغري بمشاكلتهم، والصاحب ساحب والطباع سراقة، وهؤلاء يذكرونك بالخيرات ويعينوك عليها، ففتش عنهم وانخرط في سلكهم، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. كل ماسبق بالإضافة إلى لزوم الاستغفار من الذنوب ومن التفريط في جنب الله تعالى. وننصحك بالاستماع إلى المحاضرة التالية: توبة صادقة. للشيخ سعد البريك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني