الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في خطبة يوم السابع من ذي الحجة بمكة

السؤال

نسمع ونقرأ في فروع الفقه المالكي عن خطبة يحرص عليها الحاج في اليوم السابع من ذي الحجة في المسجد الحرام، يقول ابن عاشر: وعد فلب لمصلى عرفة=/=وخطبة السابع تأتي للصفة، إلا أن هذه الخطبة لا نكاد نسمع عنها شيئا في المذاهب الأخرى، والغريب أن من الفقهاء من يتكلم عنها اليوم ، لذلك أسأل:
- واقعا، هل تلقى في المسجد الحرام عند الظهر خطبة، يذكر فيها الخطيب الناس بما يستقبلهم من الأعمال؟؟
إن كان نعم، فما حكمها؟؟
- وإن كان الجواب لا، فهل حدث في تاريخ الحج الإسلامي أن كانت خطبة مثل هذه؟ وما قصتها؟؟
- وما الحكمة من تحديث الناس اليوم بشيء لم يعد له وجود؟؟
جزاكم الله خيرا على إحالتكم هذا السؤال إلى من يجيب عنه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالخطبة التي سألت عنها مشروعة عند المالكية والشافعية والحنفية، والحكمة منها تفقيه الحجاج في أحكام الحج التي تهمهم.

ففي شرح الخرشي على مختصر خليل المالكي: وندب خطبة بعد ظهر يوم السابع بمكة واحدة , ولا يجلس في وسطها على المشهور يفتتحها بالتلبية إن كان محرما، وباقي الخطب يفتتحها بالتكبير. قاله بعضهم. انتهى

وفي المجموع للنووي وهو شافعي: ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب في الحج أربع خطب, وهي يوم السابع بمكة ويوم عرفة بمسجد إبراهيم, ويوم النحر بمنى, ويوم النفر الأول بمنى أيضا, وبه قال داود. وقال مالك وأبو حنيفة: خطب الحج ثلاث. يوم السابع والتاسع, ويوم النفر الثاني , قالا: ولا خطبة في يوم النحر. وقال أحمد: ليس في السابع خطبة. وقال زفر: خطب الحج ثلاث: يوم الثامن, ويوم عرفة, ويوم النحر. انتهى.

وفي العناية شرح الهداية للبابرتي وهو حنفي: (فإذا كان قبل يوم التروية بيوم) وهو اليوم السابع من ذي الحجة (خطب الإمام) يعني خطبة واحدة من غير أن يجلس بين الخطبتين بعد صلاة الظهر. انتهى.

أما الحنابلة فلا تشرع عندهم هذه الخطبة، واختار الآجري فعلها لتفقيه الناس فيما يهمهم من أحكام الحج، ففي الفروع لابن مفلح وهو حنبلي: ولا خطبة في اليوم السابع بعد صلاة الظهر بمكة، واختار الآجري : بلى يعلمهم ما يفعلونه يوم التروية. انتهى

وعليه؛ فهذه الخطبة مستحبة عند غير الحنابلة.

وبالنسبة للواقع الآن فهذه الخطبة لاتفعل الآن في المسجد الحرام على شكل خطبة شاملة موجهة للجميع ولعل السبب في ذلك هو أن المذهب السائد الآن في بلاد الحرمين الشريفين هو المذهب الحنبلي، وقد عرفت أن تلك الخطبة غير مستحبة عند الحنابلة.. إضافة إلى كونها لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا أن القائمين بمهمة إرشادالحجاج يقومون بها أو بما يقوم مقامها، حيث يفقهونهم في الأحكام التي تهمهم في مواقف الحج التي يمارسونها.

أما عن وقوع هذه الخطبة في التاريخ الإسلامي فقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قد فعلها حيث قال: وقال الطبراني: حدثنا زكريا الناجي ثنا حوثرة بن محمد ثنا أبو أسامة ثنا سعيد بن المرزبان أبو سعيد العبسي ثنا محمد بن عبدالله الثقفي قال: شهدت خطبة ابن الزبير بالموسم خرج علينا قبل التروية بيوم وهو محرم فلبى بأحسن تلبية سمعتها قط ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد؛ فإنكم جئتم من أفاق شتى وفودا إلى الله عز وجل فحق على الله أن يكرم وفده، فمن كان منكم يطلب ما عند الله فإن طالب ما عند الله لا يخيب، فصدقوا قولكم بفعل فان ملاك القول الفعل، والنية النية، والقلوب القلوب، الله الله في أيامكم هذه، فإنها أيام تغفر فيها الذنوب، جئتم من آفاق شتى في غير تجارة ولا طلب مال ولا دنيا ترجونها هاهنا. ثم لبى ولبى الناس، فما رأيت باكيا أكثر من يومئذ. انتهى

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني