الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رفع الرؤوس إلى السماء بعد الرفع من الركوع

السؤال

هناك بعض المصلين يرفع رأسه إلى السماء بعد الاستقامة من الركوع، فهل هذا يجوز؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يشرع للمصلي رفع رأسه إلى السماء بل ينبغي أن يكون نظره إلى موضع سجوده عند أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: يستحب للمصلي أن يجعل نظره إلى موضع سجوده، قال أحمد في رواية حنبل: الخشوع في الصلاة: أن يجعل نظره إلى موضع سجوده. وروي ذلك عن مسلم بن يسار، وقتادة، وحكي عن شريك، أنه قال: ينظر في حال قيامه إلى موضع سجوده، وفي ركوعه إلى قدميه، وفي حال سجوده إلى أنفه، وفي حال التشهد إلى حجره. انتهى.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: وقوله ويكون منتهى بصره إلى موضع سجوده وفسره الطحاوي في مختصره فقال: يرمي ببصره إلى موضع سجوده في حالة القيام وفي حالة الركوع إلى رؤوس أصابع رجليه وفي حالة السجود إلى أرنبة أنفه وفي حالة القعدة إلى حجره، لأن هذا كله تعظيم وخشوع.

وقال النووي في المجموع: فأجمع العلماء على استحباب الخشوع والخضوع في الصلاة وغض البصر عما يلهي وكراهة الالتفات في الصلاة وتقريب نظره وقصره على ما بين يديه، ثم في ضبطه وجهان (أصحهما) وهو الذي جزم به المصنف وسائر العراقيين وجماعة من غيرهم أنه يجعل نظره إلى موضع سجوده في قيامه وقعوده (والثاني) وبه جزم البغوي والمتولي يكون نظره في القيام إلى موضع سجوده، وفي الركوع إلى ظهر قدميه، وفي السجود إلى أنفه، وفي القعود إلى حجره، لأن امتداد البصر يلهي فإذا قصره كان أولى، ودليل الأول أن ترديد البصر من مكان إلى مكان يشغل القلب ويمنع كمال الخشوع. انتهى.

وعند المالكية الأفضل النظر إلى جهة الأمام قال ابن العربي في أحكام القرآن: المسألة الثالثة: أنه يضع بصره في موضع سجوده، وبه قال الشافعي والصوفية بأسرهم، فإنه أحضر لقلبه، وأجمع لفكره. قال مالك: إنما ينظر أمامه، فإنه إن حنى رأسه ذهب بعض القيام المنقوض عليه في الرأس، وهو أشرف الأعضاء منه، وإن أقام رأسه وتكلف النظر ببصره إلى الأرض فتلك مشقة عظيمة وحرج، يعرفون ذلك بالتجربة، وما جعل علينا في الدين من حرج، وإنما أمرنا أن نستقبل الجهة ببصائرنا وأبصارنا، أما إنه أفضل لمن قدر عليه متى قدر وكيف قدر، وإنما الممنوع أن يرفع بصره في الصلاة إلى السماء، فإنه لم يؤمر أن يستقبل السماء، وإنما أمر أن يستقبل الجهة الكعبية، فإذا رفع بصره فهو إعراض عن الجهة التي أمر بها، حتى (قال النبي صلى الله عليه وسلم: لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم). انتهى.

وعليه فما يفعله بعض المصلين من رفع رؤوسهم إلى السماء بعد الرفع من الركوع غير مشروع، وينبغي نصح من يفعل ذلك بحكمة ورفق فإن ذلك من النصيحة للمسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني