الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطريق إلى التوبة وإحسان الظن بالله تعالى

السؤال

مشكلتي أقرب لمشكلة نفسية منها لطلب فتوى، ولكن أرجو أن تقابلوا سؤالي بصدر رحب وأن تفيدوني وتخلصوني من هذا العذاب... جزاكم الله خيراً قضيتي للأسف وهذا هو المشكلة هو سوء الظن بالله تعالي فرغم علمي بأن الله غفور رحيم وأنه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء الليل والنهار إلا أنني أعاني من سيطرة شيطان متسلط وربما طريف لأنني كلما نويت التوبة والإقلاع عن ذنوبي التي هي مثل زبد البحر وأدعو الله لحالي يسارع بتذكيري بآيات مثل "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيما" أو "وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لذ َنبِهْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" وأصارحكم القول إن وصف هذه الآية الكريمة ينطبق علي وأنه كلما دعوت الله في شيء يهتف هاتف في داخلي أنه كيف تعصي الله ثم تطلب عونه بهذه البساطة فأنا والله العظيم كلما أكون مقبلا على امتحان أو أي عمل آخر لا أستطيع فعل شيء وأعاني من وساوس كثيرة مما أدى بي إلى الفشل الذريع، أرجو الإفادة والنصح، وعفواً على الإطالة.. وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا نوصيك بحسن الظن بالله تعالى والإكثار من تلاوة القرآن ومطالعة نصوص الترغيب والترهيب والتأمل في البشائر التي وعد الله بها الطائعين، وما توعد به العصاة والمنحرفين، ونم في نفسك جانب الرجاء دون إهمال الخوف.

وأعلم أن باب التوبة مفتوح لكل العباد ما لم تطلع الشمس من مغربها أو تبلغ الروح الحلقوم عند الموت، وأعلم أن مغفرة الله لا يعظم أمامها ذنب مهما عظم وكثر لما في الحديث القدسي: يا ابن آدم أنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة. رواه الترمذي.

فاعزم يا أخي على التوبة الصادقة والإقلاع عن جميع الذنوب واعقد الهمة على مواصلة المسيرة في الطاعة والعمل الصالح، واعلم أن آية النساء تشمل كل من تاب قبل وقت موته، كما قال القرطبي وعزاه لابن عباس والسدي والضحاك واحتج له بحديث الترمذي: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

وآما آية يونس فإنها تذم حال من إذا أصابه الضر دعا الله وأناب إليه، فإذا كشف الله ما به نكص ونسي نعمة الله عليه، واشتغل بالذنوب والمعاصي وهذا مذموم فعلاً، كما تدل عليه عدة آيات أخرى، ولكن العلاج يكون بصدق التوبة والإنابة إلى الله والبعد عن المعاصي والحرص على صدق العهد مع الله سبحانه وتعالى فهو مجيب دعوة المضطرين وهو المستحق للتوبة والإنابة والطاعة في حالتي السراء والضراء.

فلا يغرنك الشيطان ولا يقنطك من رحمة الله تعالى ولا يؤمنك عذابه، فابتعد عن الوساوس واتباع خطوات الشيطان واستعذ بالله من نزغاته، وأكثر الدعاء والاستغفار والعمل الصالح، فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه أن الله غفور رحيم، وابحث عن صحبة صالحة تدلك على الخير وتعينك عليه، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1694، 64075، 10747، 57184، 26170، 69465.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني