واختلفوا فيمن لم يصم الثلاثة الأيام التي ذكرنا حتى مضى يوم عرفة ، فكان بعضهم يقول : يصوم أيام التشريق وممن قال ذلك منهم . مالك بن أنس
وكان بعضهم يقول : لا يصوم أيام التشريق ، وقد وجب عليه الهدي ، لا بد له منه ، إذ كان الصيام الذي أوجبه الله عز وجل عليه ، والوقت الذي أمره بصومه فيه ، وهو [ ص: 239 ] الحج ، قد فات ، فلم يجز له أن يصومها في غير الحج وممن قال ذلك منهم ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، وقالوا : لا يجوز له أيضا أن ومحمد بن الحسن عنها ، وإن كانت من أيام الحج ، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامها ، كما لم يجزه أن يصوم يوم النحر عن ذلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيامه . يصوم أيام التشريق
وقد ذكرنا الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في في كتاب الصيام من كتبنا هذه ، فأغنانا ذلك عن إعادته هاهنا ، غير أنا قد وجدنا عن النهي عن صوم يوم النحر وأيام التشريق وعن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما ما يوافق ما قد حكيناه عن عبد الله بن عباس ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ومحمد فيه ، مما لم نكن ذكرناه في كتاب الصيام من كتبنا هذه ، وهو أن محمد بن خزيمة .
1653 - حدثنا ، قال حدثنا ، قال حدثنا حجاج بن منهال ، قال حدثنا حماد بن سلمة حجاج ، عن ، عن عمرو بن شعيب ، سعيد بن المسيب رضي الله عنه يوم النحر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إني تمتعت فلم أهد ، ولم أصم في العشر ؟ فقال : سل في قومك ، ثم قال : يا عمر بن الخطاب معيقيب ، أعطه شاة .
فهذا لم يأمر المتمتع الذي لم يصم في العشر ، ولم يجد الهدي ، أن يصوم أيام التشريق ، ولم يجعل له بدا من الهدي . عمر بن الخطاب أن رجلا أتى
1654 - وأن ، حدثنا ، قال حدثنا يزيد بن سنان قال حدثنا يحيى بن سعيد القطان ، ، عن الأعمش إبراهيم ، عن علقمة ، فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ) آخرها يوم عرفة ( وسبعة إذا رجعتم ) قال : فذكرت ذلك ( فقال : هذا قول لسعيد بن جبير ، ، وعقد بيده ثلاثين . ابن عباس
فهذا قد جعل آخر الوقت الذي يصام فيه الثلاثة الأيام في الحج للمتمتع يوم عرفة . ابن عباس
[ ص: 240 ] ولما اختلفوا في ذلك ، وكان فصيام ثلاثة أيام في الحج ) ، قد جعل له وقتا ، وهو الحج ، كما جعل للصوم في الظهار ، وفي القتل الخطإ ، وصفه ، وهي التتابع ، فكما كان ذلك الصوم الموصوف بالتتابع لا يجزئ إلا متتابعا ، فكذلك الصوم الذي جعل في الحج لا يجزئ في غير الحج . قوله عز وجل : (
وأما وسبعة إذا رجعتم ) ، فجائز للمتمتعين أن يصوموها بمكة ، وفي طرقهم إلى بلدانهم ، وفي بلدانهم التي فيها أهلوهم متتابعة ومتفرقة ، لا نعلم في ذلك اختلافا بين أهل العلم . قوله عز وجل : (
فعقلنا بذلك أن المراد بقوله عز وجل : ( وسبعة إذا رجعتم ) ، أي إذا رجعتم إلى ما كنتم عليه قبل الإحرام من الإحلال .
وأما قوله عز وجل : ( تلك عشرة كاملة ) ، فالمراد بذلك عند أهل العلم جميعا هو كما لها عن الهدي .