سجع على قوله تعالى :
قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم
سبحان من أخرج هذا السيد من آزر ثم أعانه بالتوفيق فقصد وآزر ، ثم بعث إليه البيان فأعان ووازر ، فلما رأيناه قد رحل عن المنجنيق وسافر ولم يتزود إلا التسليم ، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
البيت ومنى ، ولما رمي في النار لأجلنا قلنا له بلسان التفهيم : كوني بردا وسلاما على إبراهيم . عبد بذل نفسه لنا فبلغناه منا المنى ، وعرفناه المناسك عند
قدم ماله إلى الضيفان ، وسلم ولده إلى القربان ، واستسلم للرمي في النيران ، فلما رأينا محبنا في بيداء الوجد يهيم قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
ابتليناه بكلمات فأتمهن ، وأريناه قدرتنا يوم فصرهن وكسر الأصنام غيرة لنا منهن ، فلما أججت النيران ذهبت بلطفنا حرارتهن ، وغرسنا شجر الجنة في سواء الجحيم قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
بنوا له بنيانا إلى سفح جبل ، واحتطب من أجله من شرب وأكل ، وألقوه فيها وقالوا قد اشتعل ، فخرج نمرود ينظر ماذا فعل ، وقد خرج توقيع القدم من القديم : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
اعترضه وتعرض لحوائجه الملك ، حين قطع بيداء الهوى وسلك ، فقال له بلسان الحال : معي من ملك إياك والتعريض بما ليس لك ، فلما لم يتعلق بخلق دوني إذ أضيم قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
تعرضت له الأملاك فكفها كفا ، فلما رأيناه لا يمد إلى غيرنا كفا ، مدحناه ويكفي في مدحنا له الذي وفى واجتمع الخلائق صفا ينظرون من صفا ، فلما أتانا في وقت القلب بقلب سليم : قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
[ ص: 101 ] تنح يا جبريل فماذا موضع زحمة وخلني وخليلي فإليه الرحمة ، وهل بذلت له إلا لحمة تبلى أو شحمة ، فلما وطن نفسه على أن يصير فحمة ، وحوشي من ذاك الكريم قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
كانت الملائكة تدعي الفناء بالطاعة فخرج هاروت وماروت فخسرت البضاعة وشاهدوا يوم الخليل ما ليس لهم به استطاعة ، رأى ما رأى وما أزعجه ولا راعه ، فلما رأيناه ساكنا والأملاك في مقعد مقيم قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
قابل القوم رسولنا بأقبح تكذيب ، وقصدوا خليلنا بأشد تعذيب ، ونسوا يوم الفزع والتأنيب ، والخليل سره صاف والحال مستقيم قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم .
اللهم إنا نتوسل إليك بالخليل في منزلته ، والحبيب في رتبته ، وكل مخلص في طاعته أن تغفر لكل منا زلته يا كريم برحمتك يا أرحم الراحمين .