( حدثنا أبو كريب ) بالتصغير ، وفي نسخة زيادة ( محمد بن العلاء حدثنا ) بتحتية مشددة وشين معجمة ، وهو مشهور بكنيته ، واسمه أبو بكر بن عياش شعبة ، وقيل : اسمه محمد أو عبد الله أو سالم ، أو رؤبة أو مسلم ، أو خداش أو مطرف ، أو حماد أو خبيب ، عشرة أقوال ، وهو المقري صاحب عاصم القارئ المشهور ( عن ثابت أبي حمزة ) وفي نسخة : ابن أبي حمزة ( الثمالي ) بضم المثلثة ، وخفة الميم منسوب إلى ثمالة ، وهو لقب عوف بن أسلم أحد أجداد أبي حمزة ، ولقب بذلك ; لأنه كان يسقيهم اللبن بثمالته أي برغوته ، روى عن أنس وعدة وعنه وكيع وأبو نعيم وخلق ضعفوه ( عن ) بفتح فسكون ( عن الشعبي أم هانئ ) بهمز في آخره ، قال ميرك : هي بنت [ ص: 268 ] أبي طالب ، واسمها فاختة ، وقيل : هند ، لها صحبة وأحاديث ( قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ) أي في بيتي يوم فتح مكة ( فقال : أعندك شيء ) أي مما يؤكل ( ) المستثنى منه محذوف والمستثنى بدل منه ، ونظيره في الصحاح قول فقلت : لا إلا خبز يابس وخل عائشة : " لا إلا شيء بعثت به " ، قال أم عطية المالكي : فيه شاهد على إبدال ما بعد إلا من محذوف ; لأن الأصل لا شيء عندنا إلا شيء بعثت به ، وقال أم عطية ابن حجر : أي ليس شيء عندنا ، فليست لا التي لنفي الجنس مما بعد إلا مستثنى استثناء مفرغا بما قبلها ، الدال عليه التقدير المذكور ، وبهذا يندفع ما نقل عن ابن مالك انتهى .
وبعده لا يخفى ، ثم رأيت الحديث برواية ، الطبراني وأبي نعيم عنها ، والحكيم الترمذي عن عائشة ، ولفظهم : " ما أقفر من أدم بيت فيه خل " فيزول الإشكال ، ويحمل التغيير على أنه من بعض الرواة ، والله أعلم بالحال . قيل : من حق أم هانئ أن تجيب ببلى عندي خبز ، فلم عدلت عنه إلى تلك العبارة ؟ وأجيب بأنها عظمت شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأت أن الخبز اليابس والخل لا يصلحان أن يقدما إلى مثل ذلك الضيف ، فما عدتهما بشيء ، ومن ثمة طيب خاطرها صلى الله عليه وسلم وجبر حالها ( فقال : هاتي ) أي أعطي اسم فعل قاله الحنفي ، والأظهر أن معناه أحضري أي ما عندك ، وهو فعل أمر بقرينة هاتوا برهانكم ( ما أقفر ) أي ما خلا ( بيت من أدم ) بضمتين ويسكن الثاني متعلق بأقفر ( فيه خل ) صفة بيت ، وقد فصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي ، وأنه لا يجوز ويمكن أن يقال أنه حال ، وذو الحال على تقدير الموصوفية ، أي بيت من البيوت ، كذا قاله الفاضل الطيبي ، وفي شرح المفتاح للسيد في بحث الفصاحة ، أنه يجوز الفصل بين الصفة والموصوف ، وأن مجيء الحال عن النكرة العامة بالنفي ، ولا يحتاج إلى تقدير الصفة ، وقال ابن حجر : صفة لبيت ، ولم يفصل بينهما بأجنبي من كل وجه ; لأن أقفر عامل في بيت وصفته وفيما فصل بينهما ، هذا وفي النهاية أي ما خلا من الإدام ، ولا عدم أهله الإدام ، والقفار الطعام بلا إدام ، وأقفر الرجل إذا أكل الخبز وحده من القفر ، والقفار وهي الأرض الخالية التي لا ماء فيها .
قال الحنفي : وتوهم بعض الناس أنه بالفاء والقاف ، وليس برواية ودراية ، قلت : أما الدراية ففيه نظر ، إذ معناه على تقدير صحة الرواية ، ما احتاج ولا افتقر أهل بيت من أجل إدام ، ويكون في بيتهم خل ، وأما الرواية فقد وجدنا بخط الشيخ نور الدين محمد الأيجبي قدس الله سره ، أنه " أفقر " نسخة .
ثم في الحديث الحث على عدم النظر للخبز والخل بعين الاحتقار ، وأنه لا بأس بسؤال الطعام من لا يستحي السائل منه ، لصدق المحبة والعلم بمودة المسئول ، لذلك .